الفقراء الذين نهشت عظامهم على أيدي من يدافع عنهم الآن، هم أنفسهم الفقراء الذين بكت عليهم الحكومة سابقا، وما اتخذته الآن ليس جرعة تحصينية بل جرعة للموت فقرا ،كما أن المعالجات التي وضعتها الحكومة بزعم تخفيف حدة هذه الجرعة، ليست أكثر من مهدئات ضعيفة المفعول لم تعد تجدي بعد أن (باعت الأرض في شراء السماد). وحتى إن كانت تجدي نفعا، فإن الفقير هو الفقير وهو الوحيد الذي لن يستفيد من هذه المعالجات. إثنا عشر بندا ليس فيها إيجاد فرص للعمل أو تأهيل للشباب العاطل في الشوارع. ليس فيها حل لفلاح شرعبي لم يتوظف في عهد صالح، ولم يتجند في عهد حماة الثورة، بل لم تسعه حتى حالات الضمان الاجتماعي، وزوجته التي اضطرت لاحقا للكذب بوفاته وهو على قيد الحياة نزل اسمها وسقطت أسماء من تعيلهم. ليس فيها حل لهذا الذي بالكاد يستطيع توفير قوت يومه، فضلا عن استطاعته الإنفاق على ابن له يدرس في صنعاء أو عدن وما هو مصير هذا الابن إذا عجز والده عن تدريسه. لقد كان باستطاعة الحكومة أن تتخذ إجراءات أخرى غير رفع الدعم عن المشتقات النفطية، كأن تعتمد تجربة إحدى الدول التي كانت أسوأ حالا من اليمن، وأصلحت أوضاعها بما لا يضر المواطن البسيط وكان يكفيها أن تتذكر السيد الذي استضافته بعد أدائها لليمين الدستوري ووعدتنا أن تستنسخ تجربة حكومته في النهضة بماليزيا. هناك حلول أخرى كان بإمكانها أن تثبت فيها صرامتها كتخفيض ميزانية الجيش مثلا، وتحويله إلى مؤسسة منتجة، بدلا من الزج به في حروب المتنفذين أو انتداب أفراده لمرافقة المشايخ والأعيان. قبل هذا، كان عليها أن تتذكر مقولاتها بنجابة الأرض اليمنية، وأن تعلم أنها لن تستطيع معالجة الأزمة الاقتصادية مالم تشدد قبضتها الأمنية في حماية الموارد والثروات، لاسيما في مجالي الاستثمار والسياحة، ولن تستطيع ما لم تحقق الإدارة الناجحة للثروة، ولن تستطيع مادامت تحتضن الفساد وتشجع الفاسدين.???????