الكثير من المسلمين يصومون يوم عاشوراء، كتقليد فقط، دون أن يعرفوا لماذا.. توارثوا الطقوس ونسُوا المدلول، فلو سألت أحداً: لماذا تصوم الست البيض؟ لقال لك إن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صامها، سيقول لك هكذا فقط. ولو سألت أحداً: لماذا تصوم الشعبانية؟ لأجابك بنفس الإجابة.. توارثوا الصيام فقط ونسُوا المعنى والمقصد منه، وبقي الصيام محصوراً في مناسبات لا يعرف الكثيرون سببها. أما صيام عاشوراء لو سألت الكثير عن سبب صيامه في هذا اليوم، سيقول لك بسرعة: إنه يومٌ نجَّى الله فيه موسى، ولا أدري هل يصوم اليهود في هذا اليوم احتفاءً بنجاة موسى، كما جاء في كتب السيرة!! في قريتي كان الناس يصومون، وأيضاً يكتحلون يوم عاشوراء، مستندين إلى قول مأثور أنه من اكتحل يوم عاشوراء نجَّاه الله من الرمد إلى عاشوراء القادم.. إذا نظرنا إلى أحداث التاريخ سنجد أن أهم ما حدث يوم عاشوراء هو ثورة الإمام الحسين، الذي استشهد في هذا اليوم، في كربلاء.. عاشوراء التي انتصر فيها دم الحسين على سيف يزيد، وانتصرت إنسانية الحسين على وحشية بني أمية. الحسين ثائرٌ عظيم، بغض النظر عن اسمه ونسبه.. حتى ولو لم يكن ابن علي بن أبي طالب، وحتى لو لم يكن حفيد رسول الله، فهو ثائرٌ عظيم وثورته باقية.. إن أردنا أن نعرف الحسين فلنتعامل معه كإنسان، وكثائر، وليس كإمام.. نتعامل معه بدون تحيُّز أو عاطفة أو نَسَب، حينها سنعرف ماذا يعني الحسين، وماذا تعني ثورته. لو كان الحسين من أثينا أو من اليونان لقرأناه في مناهج كلِّ المراحل الدراسية، لأننا مسكونون بعقدة الأجنبي والأسماء الأجنبية.