أصبحت نقابة الصحفيين اليمنيين اليوم في حكم الموت السريري فلا هي واصلت مهامها كما يفترض بها ولا هي ذهبت إلى غير رجعة وفقاً لعمرها الافتراضي الذي انتهى في مارس من العام الماضي، لكن أعضاء مجلسها جعلوا من النقابة منبر لنشاطهم الحزبي لحساب أطراف معينة واستفادوا منها وتركوا أكثر من ألف ونيف من الصحفيين في المجهول. كان يفترض أن يتم عقد المؤتمر العام للنقابة في مارس من العام الماضي وانتخاب مجلس جديد للنقابة لكي ينهض بها من عثراتها وكبواتها التي أدخلها فيها مجلسها الحالي الذي سيطر عليه مجموعة من المنتفعين وتركوا بقية زملائهم في المجلس بدون عمل يتابعون فقط بدل المصروف الشهري المخصص لهم بينما هم استفادوا بمناصب داخلية وخارجية وحولوا النقابة إلى منجم ذهب لهم كما أنهم سخروا ختم النقابة ولجانها خاصة لجنة الحريات إلى ملكية خاصة لطرف سياسي معين يتحدثون باسمه ويتبنون آراءه ومعتقداته لا يحيدون عنها وإن تكرموا على بعض الأعضاء ببيان فمن باب التمويه على نشاطهم الحزبي الكبير. أعتقد أن الكثير من الزملاء الصحفيين يعانون من هذا الوضع السيئ لنقابتهم جعلهم يندمون على اليوم الذي انتخبوا فيه هذا المجلس بتشكيلته هذه، فالنقيب غائب عن المشهد تماماً ولم نعد نجده إلا في حالات نادرة جداً والوكيل مشغول بعمله في إحدى القنوات العربية وبعض رؤساء اللجان سافروا في مهام خارج البلاد وبعضهم انشغل بمناصب تم تعيينه فيها لكنهم لم يتركوا العمل رغم أن النظام الداخلي يفرض على أعضاء مجلس النقابة التواجد في العاصمة صنعاء وأي عضو ينتقل عمله إلى خارجها تسقط عضويته في المجلس فما بالك بمن يسافر خارج الوطن ويظل يدير العمل والبيانات من مقر عمله الجديد في الخارج. ومن الأمور التي غيبتها النقابة الملفات الكثيرة لطلبات الانضمام التي تنتظر البت فيها من لجنة العضوية التي نامت وغابت عن الأنظار ولم تجتمع أبدا رغم أنها من أهم اللجان في النقابة التي يجب أن يكون عملها شبه يومي، فكان يجب عليها أن تدرس هذه الطلبات وتوافق عليها أو ترفضها وتبين الأسباب لكن أن يظل الوضع هكذا فلا أعتقد أنه وضع طبيعي. ولو أننا عدنا إلى نظام النقابة ولائحتها الداخلية لوجدنا أن دورها أيضا يتضمن إيجاد ضمانات للاستقرار الاجتماعي لأعضاء النقابة من خلال الارتقاء بالمستوى المهني والمعيشي لهم وتطوير مهنة الصحافة شكلاً ومضموناً بما يجعلها قادرة على أداء رسالتها النبيلة وترسيخ دعائم الحريات الصحفية وقواعد الحياة الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر والعمل على سن تشريعات وطنية تعزز من دور النقابة بما يساعد المهنة على مواكبة متغيرات العصر. لقد غابت النقابة عن أداء رسالتها ودورها في الميدان الإعلامي وأصبحنا نرى بل نعيش مشهداً إعلامياً غاية في السواد والقتامة ولم يعد هناك التزام من قبل الجميع بأي مواثيق أو أخلاقيات للمهنة إضافة إلى أن غياب البنية التشريعية للعمل الإعلامي يزيد المشهد سوءاً ويجعل كل واحد يغني على ليلاه والسبب الرئيسي انحسار دور النقابة واتجاهها إلى أمور أخرى غير مهمتها الأساسية. فهل حان الوقت ليتحرك جميع أعضاء النقابة للضغط بكل الوسائل والأساليب على مجلسهم الموقر والجهات المختصة لعقد المؤتمر العام وانتخاب مجلس جديد وعدم تكرار الأخطاء في اختيار عناصر نائمة كما هو الوضع الحالي وبما من شأنه الارتقاء بعمل النقابة وتحسين أوضاع الصحفيين والانطلاق بالنقابة لتؤدي دورها الحقيقي في حماية الصحفيين والدفاع عن حقوقهم المادية وتقديم كامل الدعم والرعاية لهم بما يساعد على الارتقاء بمستوى مهنة الصحافة ويعزز قيم الحرية والديمقراطية والعدالة في الحياة العامة بحسب اللائحة الداخلية للنقابة.