وضعت جماعة أنصار الله "الحوثيين" أمس حداً للمفاوضات الرامية إلى إنهاء أزمة فراغ السلطة، وأعلنت من جهتها حلاً "ثورياً" ينظم إدارة البلاد خلال فترة انتقالية جديدة مدتها عامان، الأمر الذي وضع مختلف الأطراف السياسية الأخرى والفاعلين الإقليميين الدوليين في حالة ارتباك. وأعلنت الجماعة في تمام الخامسة والنصف ومن داخل القصر الجمهوري "إعلاناً دستورياً" من 16 مادة تضمنت قواعد وأحكام تنظم المرحلة الانتقالية الجديدة التي حددها بعامين حتى العام 2017م والعمل بأحكام الدستور النافذ والتشريعات النافذة مالم تتعارض صراحة أو ضمنا مع نصوص الإعلان الدستوري.. وكفالة الحقوق والحريات العامة والتزام الدولة بحمايتها. وبحسب الإعلان يحل المجلس الوطني محل مجلس النواب "البرلمان"، ويضم (551) عضواً، ويشمل المكونات غير الممثلة في البرلمان، مع حق أعضاء مجلس النواب "المنحل" بالانضمام إليه. وقال الإعلان إن المجلس الوطني ينتخب 5 أعضاء لمجلس الرئاسة الذي سيتولى رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية وتصادق عليهم اللجنة الثورية، ويكلف المجلس الرئاسي من يراه من أعضاء المجلس الوطني أو من خارجه بتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية. ونص الإعلان على أن تتفرع عن اللجنة الثورية لجان ثورية في المحافظات والمديريات في أنحاء الجمهورية. وبخصوص السياسة الخارجية للدولة خلال الفترة الانتقالية فقد أكد الإعلان على أن السياسة الخارجية للدولة تقوم على أساس الالتزام بمبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واعتماد الوسائل السليمة والسلمية في حل المنازعات والتعامل لتحقيق المصالح المشتركة بما يحفظ سيادة الوطن واستقلاله ومصالحه. الأحكام العامة والختامية للإعلان الدستوري أعطت اللجنة الثورية اختصاصات واسعة وكبيرة منها اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية سيادة الوطن وأمنه واستقراره وحماية حقوق وحريات المواطنين وتحديد اختصاصات المجلس الوطني ومجلس الرئاسة والحكومة بقرار مكمل للإعلان تصدره اللجنة الثورية. وأكد الإعلان أن على سلطات الدولة الانتقالية خلال مدة عامين العمل على إنجاز استحقاقات المرحلة من مرجعيتي الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة ومراجعة مسودة الدستور الجديد وسن القوانين التي تتطلبها المرحلة التأسيسية والاستفتاء على الدستور تمهيدا لانتقال البلاد إلى الوضع الدائم وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية وفقا لأحكامه. وكانت المفاوضات الجارية منذ 26 يناير الماضي وبإشراف المبعوث الأممي جمال بنعمر وصلت مساء أمس إلى طريق مسدود بعد أن كانت قد حققت تقدماً كبيراً في الإطار العام لحل الأزمة من خلال التوافق على تشكيل مجلس رئاسي يقره البرلمان.. ويضم 5 أعضاء: (2) للمحافظات الجنوبية، و(3) للمحافظات الشمالية ويرأسه قيادي من أبناء المحافظات الجنوبية، وكان الرئيس الأسبق علي ناصر محمد هو الأوفر حظاً لتولي هذا المنصب. وقال ل"اليمن اليوم" مصدر سياسي إنه عندما كانت المفاوضات مساء أمس تقترب من التوقيع رفض حزب الإصلاح، واشترط عدم إعلان الاتفاق والتوقيع عليه حتى يتم الاتفاق أيضاً على معظم التفاصيل، وتحديداً الترتيبات الأمنية وبما فيها انسحاب ممثلي الحوثيين من الرئاسة وصنعاء بشكل عام. وبحسب المصدر فإن ممثلي المؤتمر الشعبي العام وحلفائه استغلوا فترة تناول وجبة العشاء الساعة الحادية عشرة وبذلوا جهوداً في محاولة إقناع ممثلي الإصلاح بالتوقيع على الإطار العام للحل وتشكيل مجلس رئاسي يقره البرلمان، وتشكيل لجان لبحث كل التفاصيل، ولكن دون جدوى، لينهار كل شيء في المفاوضات. علي ناصر يلمّح وأشار الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، والمقيم في القاهرة إلى موافقته ضمنياً على تولي منصب رئاسة المجلس الرئاسي شريطة إقامة دولة من إقليمين شمالي وجنوبي. وقال ناصر ل"الشرق الأوسط" لم ننفرد بالقرار، ولن أبحث عن سلطة، وإنما عن حل شامل لأزمات اليمن المستمرة من 94م. وأردف "لم أطرح شروطاً، وإنما نريد أن يخرج الجميع من المأزق عبر الحل الشامل"، في إشارة واضحة إلى قبوله مهام رئاسة المجلس الرئاسي المؤقت. مواقف سياسية صرح مصدر مسؤول في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام والمجلس الأعلى للتحالف الوطني الديمقراطي، بأن قيادة المؤتمر وحلفاءه تتابع باهتمام بالغ التطورات على الساحة الوطنية. ونقل المؤتمر في موقعه الرسمي من المصدر بأن اللجنة العامة وأحزاب التحالف في حالة انعقاد لمتابعة آخر التطورات.كما أعلنت أحزاب تكتل المشترك، الإصلاح، الناصري، الاشتراكي، كل على حدة أنها على اجتماعات منفردة لاتخاذ موقف. وأعلنت مكونات حزب الإصلاح (مجلس شباب الثورة، وقبائل مأرب) مواقف رافضة للإعلان الدستورية معتبرة إياها (انقلاباً). تداعيات دولية أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية رفضها للإعلان الدستوري من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين). وقالت الخارجية الأمريكية إن "الرئيس اليمني المنتخب عبدربه منصور هادي وحده من يملك سلطة إصدار إعلان دستوري، داعية إلى تطبيق إجراءات يتوافق عليها اليمنيون جميعهم. من جهتها، عبرت الأممالمتحدة عن قلقها إزاء هذه الخطوة. وكان بنعمر غادر العاصمة صنعاء إلى العاصمة السعودية الرياض قبيل إعلان الحوثيين (الإعلان الدستوري) وعاد مساء. وقال متحدث باسم الأممالمتحدة يوم الجمعة إن المنظمة الدولية قلقة مما وصفته بفراغ السلطة في اليمن بعدما حل الحوثيون البرلمان وأعلنوا تشكيل مجلس رئاسي جديد. وقال المتحدث ستيفان دوجاريتش للصحفيين "هذا الفراغ في السلطة مبعث قلق شديد لنا... يتابع الأمين العام (بان كي مون) وكل الأطراف المعنية باليمن الوضع عن كثب". وأضاف أن مبعوث الأممالمتحدة الخاص لليمن جمال بنعمر يعود للعاصمة صنعاء بسبب تفاقم الأزمة. ---- من جهته أكد الاتحاد الأوروبي مساء أمس أنه يتابع بقلق شديد التطورات في اليمن وأنه يعمل على تحليل النتائج بعد أن أصدرت جماعة الحوثيين التي تسيطر منذ فترة على العاصمة صنعاء إعلانا دستوريا يعتبر بمثابة الاستيلاء على السلطة. وقال مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي للصحافيين إن هناك اتصالات تجرى باستمرار مع العديد من دول الخليج وإن بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن تعمل عن كثب مع كافة الأطراف لإيجاد وسيلة للخروج من الأزمة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته "في الواقع إن الجميع يعملون حاليا من أجل دعم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر الذي يحاول التوسط للوصول إلى اتفاق بدعم من كافة الدول الإقليمية". وأشار إلى أنه "لدينا الكثير من المشاورات والتنسيق مع كافة الدول التي تحاول المساعدة علما بأن العديد من هذه الدول تنتمي إلى مجلس التعاون الخليجي". وأوضح أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون الوضع المتدهور في اليمن خلال اجتماعهم الشهري الاعتيادي في بروكسل يوم الاثنين المقبل. ملف مأرب قالت مصادر قبلية في محافظة مأرب ل"اليمن اليوم" إن مشايخ ووجهاء وقيادات عسكرية وأمنية ومسئولين ومجتمع مدني معظمهم موالون لحزب الإصلاح، سيعقدون اليوم اجتماعاً وصفوه بالطارئ في مدينة مأرب بحضور قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن أحمد سيف اليافعي، ومحافظ المحافظة والقيادي في حزب الإصلاح الشيخ سلطان العرادة للنظر في الخطوة التي اتخذتها جماعة أنصار الله في العاصمة صنعاء، والمتمثلة بالإعلان الدستوري. ومن المقرر إعلان موقف قد يصل حد ارتكاب أعمال تخريبية واسعة في المنشآت النفطية والكهرباء. ويعسكر مسلحو الإصلاح والقاعدة وآخرون قبليون مناهضون للحوثيين في السحيل ونخلا ومفرق هيلان ومناطق أخرى منذ سقوط الفرقة الأولى مدرع بيد الحوثيين نهاية سبتمبر الماضي. ويعد ملف مأرب أهم الملفات التي ستواجه جماعة أنصار الله في المرحلة المقبلة فضلاً عن الملف الاقتصادي. اللجنة الأمنية وفي المساء أصدرت "اللجنة الثورية" قرار رقم (1) بتكليف اللواء محمود الصبيحي قائماً بأعمال وزير الدفاع واللواء جلال الرويشان قائماً بأعمال وزير الداخلية كما أصدرت قرار رقم (2) بتشكيل اللجنة الأمنية برئاسة اللواء الركن محمود الصبيحي وعضوية اللواء جلال الرويشان واللواء علي حسن الأحمدي وخالد حمود الصوفي واللواء حسين خيران واللواء زكريا الشامي والعميد الركن أحمد محسن اليافعي واللواء عبدالرزاق المروني واللواء علي بن علي الجائفي واللواء الركن عبدالرقيب ثابت الصبيحي وعبدالله محنف ويوسف حسن إسماعيل المداني وعبدالله يحيى عبدالله الحاكم (أبو علي الحاكم) وعبدالرب صالح أحمد جرفان واللواء الركن عوض بن فريد.