سلَّط قرار الإمارات العربية المتحدة بتعليق مشاركتها في الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية الضوء على الجدل الدائر حول فعالية الضربات وإصرار الولاياتالمتحدة على الاستمرار في التعاطي العسكري مع الأزمة من الجو فقط. وأدى قرار أبوظبي إلى حدوث ارتباك في الأوساط الدبلوماسية الأميركية، باعتبار أن الإمارات أحد أهم حلفاء واشنطن في المنطقة. ويقول مراقبون إن تعليق الإمارات مشاركتها في الضربات الجوية قد يفقد التحالف كثيراً من الزخم الذي تولَّد من خلال المشاركة العربية الفاعلة التي مثلت أبوظبي أحد أهم أركانها. كما عزَّز القرار الإماراتي من الأسئلة الدائرة حول إصرار واشنطن على حصر العمليات العسكرية ضد داعش في ضربات جوية لم تتضح أي نتائج نوعية لها على الأرض، رغم مرور أشهر على إطلاقها. وإضافة إلى ذلك بدا واضحاً الخلل التقني الأميركي في توفير إجراءات الحماية للطيارين المشاركين في الهجمات ضد التنظيم، وهو ما أثار بشدة حفيظة الإماراتوالأردن والسعودية والمغرب. وقال مصدر أردني إن القوات العربية المشاركة في التحالف طلبت من القيادة الأميركية توفير قدر أكبر من الحماية للطيارين وطواقم إنقاذ من قبل وقوع الطيار معاذ الكساسبة في أيدي التنظيم المتشدد، باعتبار أن الولاياتالمتحدة تمتلك التكنولوجيا والقوات المدربة والإمكانيات القادرة على ذلك. وعزَّز مصدر سعودي القلق الإماراتي- الأردني، وقال إن الهجمات التي وقعت على الحدود الشمالية للسعودية وراح ضحيتها ثلاثة ضباط من حرس الحدود السعودي تعود بالأساس إلى إغفال تمدد تنظيم داعش إلى مواقع استراتيجية، دون أن تنتبه إليه أجهزة الاستخبارات والأقمار الصناعية الأميركية عالية التقنية. وتراجعت الآمال التي كانت معلَّقة على التحالف الدولي. وبدا كثيرون على اقتناع الآن بأن الضربات الجوية من الممكن أن تسهم في حصار التنظيم، لكنها لن تقضي عليه في النهاية. وعزز المنتقدون للسياسة الأميركية وجهة نظرهم بالدفاع عن إمكانية إرسال قوات برية لمواجهة التنظيم في كلٍّ من العراق وسوريا، وذهب بعضهم إلى أن هذه القوات يُفضَّل أن تكون عربية سنية، تجنباً لتكرار سيناريوهات الحرب في أفغانستانوالعراق. وكان الجنرال ديفيد ريتشاردز، رئيس الأركان العامة السابق للجيش البريطاني، من بين هؤلاء الذين طالبوا بضرورة إرسال قوات برية لمحاربة داعش. الإمارات تنشر سرب مقاتلات بالأردن بتوجيهات من رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، أمر الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتمركز سرب من الطائرات المقاتلة "ف 16" للقوات الجوية الإماراتية في الأردن. وأشارت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، أمس، إلى أن هذه الخطوة تأتي تعبيراً عن وقوف دولة الإمارات- قيادة وحكومة وشعباً- إلى جانب الأردن، على مختلف الأصعدة والميادين. كما تأتي تلك الخطوة "تقديراً لدور الأردن الطليعي وتضحياته الجسيمة لصالح أمن المنطقة واستقرارها، التي جسَّدها الشهيد البطل معاذ الكساسبة، ودعماً للمجهود العسكري للقوات المسلحة الأردنية الباسلة، ومشاركتها الفاعلة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش". وتنبع مبادرة دولة الإمارات، لدعم الموقف الأردني الرسمي والشعبي، من إيمان عميق بضرورة التعاون العربي من أجل استئصال الإرهاب فعلاً وقولاً، وتعزيز أمن واستقرار ووسطية الأمة.