القوانين المحلية والدولية ليست بالضرورة حصاد العلم والحلم والعدل، وإنما هي في بعض جوانبها حصاد "الحَميَرَه"، حيث يترك المشرّعون من الثغرات ما يسمح لدول النفوذ والاستكبار أن تغلَّب مصالحها على حساب قيم العدل والحق. أما لو أضفنا إلى هذه الثغرات المعايير المزدوجة ومنطق قانون القوة في المجتمع الدولي وهيئاته، وفي المقدمة مجلس الأمن، فإننا بحاجة لممارسة الكثير من قواعد السياسة والكياسة، وهذا ما يجب أخذه في الاعتبار ونحن نتعاطى كيمنيين مع المواقف الدولية مما يوجه إلى اليمن من حرب ظالمة وعدوان جائر. في هذا السياق، ومن ذات المنطلق، كان جيداً مبادرة الرئيس السابق- رئيس المؤتمر الشعبي العام، إلى تقديم عناوين لمبادرة تضع محددات سياسية لإنقاذ هذه البلاد في إطار بلورة الحاجة إلى التعاطي الإيجابي مع قرار مجلس الأمن. وفي العمق الوطني لا يمكن للقوى السياسية أن تواصل هذا الخَرَس الأحمق تجاه ما يواجه اليمن من أخطار وتدمير بعدوان تمويله سعودي، لكن جسم الطائرة والصاروخ والقنبلة وحتى اسم الحرب أمريكي "عاصفة مدمرة وأمل قاتل". وأي نعم العدوان يقود السعودية إلى هزائم أخلاقية يومية أمام العالم، وفواتير مالية باهظة على عدوان فاجر.. وصحيح أن أهداف العدوان المعلنة متساقطة من وهم إعادة شرعية الرئيس المستقيل الذي تحوَّل إلى داعية لقتل شعبه، وحتى بقية الأهداف التي تحطمت على صخرة الصمود والصبر اليمني، لكن الصحيح أيضاً أن أسوأ الأهداف قد تحقق لها، والمتمثل في قتل المئات وإصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف من شعب الإيمان، ما يعني أن فاتورة يمنية غالية يُجرى دفعها من حياة شعب ومقدرات وطن، حيث لم يستثنِ العدوان حتى المعالم التاريخية! من الضروري ألَّا تكتفي القوى السياسية بهذه المواقف التي تتراوح بين المقاومة والصبر وتوضيح المظلومية، وبين التأييد الأخرق أو التواطؤ المدان. إن المجازر والتدمير الذي تصنعه حمم القصف الجوي الجبان المدعوم بإنزال صناديق السلاح والمال لتطويل أمد الصراع والنزيف بين إخوة الوطن على الأرض بحاجة إلى مغادرة منطق الجمود والشكوى إلى تفعيل العمل السياسي، وبمحددات تتجاوز ما هو جامد ونازف إلى ما يقرّب اليمن أرضاً وشعباً من مغادرة هذا العدوان الغاشم وتبعاته.