تُظهر الأيام معادن الرجال، وتخلُق الأزمات عواصف ترتطم بسواعدهم الفتية وتتلاشى، تبقى الأيام شاهدة على صنيع الرجال ونضالاتهم، تذهب الأيام ويزداد رصيد الوطنيين في سجلاتهم الوطنية لتخلد للأجيال القادمة. نعم يا يحيى، أستاذاً، ومناضلاً، وقائداً، خُذ ما شئت فجلها تنطبق لتُقال لك، عرفتك عن قرب ولم تعرفني، عرفتك وسمعتك وقرأت عنك الكثير، هذه المعرفة ليست وليدة اليوم ولكي أكون دقيقاً فقد كانت منذ أكثر من خمسة أعوام. ولأنك رائد الدولة المدنية التي ناديت بها منذ ما قبل الأزمة التي عصفت بالوطن في العام 2011م، ولأنك تشبثت بولائك وقيمك الوطنية بالوطن وجابهت من مقر إقامتك بكل ما تستطيع إعلامياً، وتفضح وتقف ضد ما يحاك لوطنك من مؤامرة تكللت في النهاية بشن حرب شعواء لا تفرق بين البشر والشجر والحجر، ولا تفرق بين أهداف مدنية أو عسكرية، الكل أمامها هدف مشروع للقتل، لأنك غُصة في حلوق أبواق آل سعود، وآل سعود أنفسهم، قصفوا منزلك الذي يقع في أحد أحياء العاصمة صنعاء المكتظ بمنازل المواطنين.. قصفوا منزلك وهم على علم مسبق بأنك غير مقيم فيه، لكنهم قصفوه لتسقط منازل المواطنين على رؤوسهم، ليتخذوا من منزلك مبرراً لقتل الأبرياء وهدم منازلهم بطريقة غير مباشرة. هو حقد مملكة آل سعود على كل يمني، لا تفرق بين يمني ويمني إلا بقدر الولاء والخضوع لسياستها وتنفيذها، وأعمّ وأكبر هو حقد على كل مواطن عربي يرفض الخضوع لهيمنتها، فسوريا التي تقاوم مشروعها الوهابي ومرتزقتها المسلحين خير دليل على أنها- المملكة- لا تؤمن بالقومية والعروبة. نعم.. المملكة إلى زوال، ونحن اليمنيين لنا البقاء والخلود بصمودنا وإيماننا بوطننا الذي يفتديه كل من يؤمن به. نعم.. ستنتهي الحرب وستعود الحياة إلينا وسيعود كل من في الخارج ممن لا يحمل في قلبه ذرة كراهية ولم تتلطخ يداه بدمنا ولو بالتأييد في قتلنا، نعم.. ستعود أنت أيضاً لتواصل حمل راية العلمانية والدولة المدنية التي طالما حلمنا بها جميعاً. نعم.. هي العلمانية والمدنية والوطنية التي تزيدني تعلقاً بالنهج الذي تسير عليه، وهذا النهج هو الطريق الوحيد لبناء دولتنا ومستقبلنا. نعم، ليس منزلك الوحيد الذي تم قصفه، وما منزلك إلا واحد مما تم قصفه من منازل المواطنين في كل ربوع الوطن، ولكن لأنك جرعتهم علقماً عبر وسائل الأعلام قصفوه وهم على معرفة بعدم وجودك فيه. كل التضامن معك بقوة تشابك أصابعنا بمختلف مشاربنا، لنشكل لُحمة وطنية صلدة أمام صلف همج العدوان الخارجي على وطننا. لك التحية، ويجيئك من سبأ بنبأ النصر هُدهُد الوطن على جناحيه غُصن السلام وقد أثمرت سنابل شهدائنا، وضُمّدت جراح جرحانا، وغُسلت قلوبنا من بعضنا.