يمكن تصوّر اللعبة كالتالي: -معركة في حارة "الموشكي"، أبو حازب وأبو العباس يخططان ويديران الأمور ويوجهان الأوامر، وهما اللاعبان، أما البقية، بقية المقاتلين، فمجرد بيادق على رقعة حرب بحجم "حارة صغيرة". -على مستوى آخر: جبهة حرب بحجم مدينة تعز، أبو علي الحاكم وحمود المخلافي هما اللاعبان، والبقية مجرد بيادق، بمن فيهم أبو حازب وأبو العباس. -على مستوى ثالث: حرب أهلية بحجم اليمن، محمد اليدومي وعبدالملك الحوثي هما اللاعبان، والبقية مجرد بيادق، بمن فيهم أبو علي الحاكم وحمود المخلافي. -على مستوى رابع: رقعة حرب إقليمية بحجم الشرق الأوسط: المرشد خامنائي والملك سلمان هما اللاعبان، والبقية مجرد بيادق، بمن فيهم محمد اليدومي وعبدالملك الحوثي. -على مستوى خامس: رقعة حرب بحجم العالم، أمريكا وروسيا هما اللاعبان، (وإن لم يعد الأمر كما كان خلال الحرب الباردة)، والبقية مجرد بيادق بمن فيهم المرشد والملك. حسنٌ، سيذكّر هذا بنظرية المؤامرة العالمية، وبالذات، في كتاب "أحجار على رقعة الشطرنج" ل"وليام جاي كار"، بتصوراته الدرامية ذات الدرجة العالية من إثارة الغموض. لكن التصور، يظل جوهريا صحيحا، منذ البداية، شُبّهت السياسة والحرب، بلعبة الشطرنج، كلاهما لعبة تعتمد على الذكاء والتخطيط والتفكير الاستراتيجي، وفيها لاعبون وقطع، على مراتب: بيدق، رخ، حصان، فيل، وزير، ملك. الفرق، أن السياسة أكثر تعقيدا، كما هي متعددة المستويات والتشعبات، وتتداخل فيها الأدوار بين البيادق واللاعبين، وفيها لاعبون وبيادق في السر، وآخرون في العلن.. بجانب كونها لعبة بلا ضوابط ولا أخلاق.. لعبة دموية قذرة محكومة بالمصالح، ولا حدود لكلفتها المادية والبشرية.. يتضمن الأمر أيضا الكثير من المفارقات الساخرة :لاعبون يتصافحون تحت الطاولة، وبيادق تتصارع فوقها، لاعبون ينكرون كونهم لاعبين، وبيادق متبجحة لا تعرف أنها مجرد بيادق، جادون في لعبة هزلية، ومغفلون يبالغون في الثرثرة والتحيزات، ومتطرفون يتناحرون وينتحرون مع كونهم مجرد مشاهدين خارج اللعبة الخطرة.