الرابطة الوثيقة بين الوهابية والإرهاب أصبحت واضحة لدى الغربيين الأوروبي والأمريكي، لكن بسبب عدم معرفتهم بخصوصية الوهابية تراهم يتحدثون عن ضرورة إحداث تغيير داخل الوهابية لكي تكف عن إنتاج الإرهابيين، وهذا ما لا يمكن أن يحدث، لأن الوهابيين يوقنون أن مذهبهم هذا هو الإسلام الصحيح والنهائي، غير القابل للتغيير، ويعتبر الوهابيون أنفسهم الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، وفكرهم هو كلمات الله الأخيرة، رغم أن الوهابية هي جماع فكر التكفير والتعصب والكراهية، الذي استخلصه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، من الفقه الحنبلي وفقه الخوارج وابن تيمية، وزاد إليه اجتهادات مبنية على تجاربه الشخصية المريرة مع خصومه في نجد والبصرة والحجاز، وصارت هذه الوهابية أيدلوجية دينية لأمارة الدرعية التي كان يحكمها الأمير محمد بن سعود، بعد أن انضم إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب قبل نحو 250 عاما، ولا يزال التحالف قائما بين آل سعود وآل الشيخ منذ ذلك الوقت.. كان الشيخ يكفر كل المسلمين بمن فيهم رجال الدين الكبار الذين اختلف معهم، أو عارضوا نزعته التكفيرية سواء في نجد أو لحجاز أو البصرة، وقد كان يرد على منتقديه أو معارضيه بالقول إنكم تتهموني أني أكفر المسلمين، وأنا ما كفرتهم إلا لأنهم مشركون كفار، إذ إنهم يتوسلون بالنبي ويزورون المقابر ويزينون القباب ويعتقدون النفع في الأولياء ويستمعون الغناء، أما الشيعة فهم روافض كفار من البداية، فأنا أكفر هؤلاء لأنهم مشركون، ومن يشهد لهم بالإسلام ولا يكفرهم فهو كافر!، أما موقفه من اليهود والنصارى فأشد من ذلك، وهذه هي عقيدة الوهابية إلى اليوم، ولا يمكن أن تتغير أو تتجدد، ولا يمكن للوهابيين التنازل عن فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فهم حتى عندما يضيفون إلى الوهابية شيئا فهذه الإضافة تعتمد على كتب هذا الشيخ، ومنها كتاب التوحيد الذي قال عنه: أشهد الله أن ما سطرته في هذا الكتاب هو الحق لا غير، وقال من لا يؤمن بما في هذا الكتاب قاتلناه بالسيف والسنان لأنه مشرك كافر.. هذا الفكر التكفيري تقوم المؤسسة الوهابية بتدريسه للناس في المعاهد والمدارس والجوامع وعبر وسائل النشر والإعلام الكثيرة، بل أيضا هي تلزم كل من تعلم درسا في الوهابية بأن يدرسه لغيره، ويسمون ذلك نشر الدعوة الإسلامية، فتصوروا كيف سيكون سلوك من ينشأ ويعلم على هذا النحو؟ والوهابية هي مؤسسة موازية محالفة للمؤسسة السعودية، وهذه الأخيرة لا تستطيع الفكاك من المؤسسة الوهابية، كما لا يمكنها تجديدها أو تغييرها، فإضافة إلى تمسك الوهابية بمبدأ أنها الإسلام الصحيح والنهائي، هي أيضا مؤسسة قوية، وتستطيع تخريب المؤسسة السعودية في يومين..فلا أمل في تجديد أو تغيير، إلا أن يطاح بالمؤسستين معا، إذا كان لدى الغربيين بديل جاهز..