في حدود منتصف يونيو 2014م، استقبل هادي في صنعاء السفير الأمريكي الجديد ماثيو تولر.. كان الاجتماع ا?ول بينهما. في اليوم التالي مباشرة أصدر هادي قرارات خطيرة. كان القرار ا?ول هو إجراء تعديلات على حكومة باسندوة.. كانت التعديلات متوقعة بين لحظة وأخرى، لكنها لم تصدر إلا بعد استقبال السفير الأمريكي، وكانت تعديلات صادمة ومتحدية لجميع المطالبين بتغيير الحكومة، وعلى وجه الخصوص للمؤتمر الشعبي العام. كان المؤتمر هو المطالب ا?ول بتغيير الحكومة، أو على ا?قل إجراء تعديلات عليها، لأسباب تتعلق بالأداء السيئ للحكومة، وأيضا لإعادة التوازن بداخلها، سيما بعد تخلي عدد من وزراء المؤتمر عن حزبهم. كان الجميع متفق على مبدأ التعديل، غير أن المؤتمر كان متمسكا بتعيين وزرائه بنفسه ودون تفويض هادي كما حصل عند تشكيل حكومة باسندوة. طبعا لا داعي للقول إن التعديلات أتت مخيبة بل ومتحدية وبشكل أكثر من ذي قبل. القرار الثاني كان إغلاق ونهب قناة اليمن اليوم، التابعة للرئيس السابق، تلاه مباشرة حصار وإغلاق جامع الصالح. اتخذ هادي تلك القرارات والإجراءات الصادمة (والصدامية) في اليوم التالي لاجتماعه مع السفير الأمريكي، وطبعا لم تكن المسألة مصادفة على الإطلاق. الذي أريد قوله إن هادي تعود أن يتخذ جميع قراراته بحسب الإملاءات التي يتلقاها، وهذا ما ينطبق تماما على القرارات ا?خيرة التي أصدرها باستبعاد بحاح وتعيين محسن وبن دغر. قد تكون القرارات ا?خيرة معبرة عن الخلافات المتفاقمة بين السعودية والإمارات، وقد تكون ناتجة عن تسوية محتملة بينهما برعاية أمريكية، في الحالتين اللاعب الأساسي هي أمريكا.. لا السعودية ولا الإمارات. ما نريد معرفته هنا هو التالي: أولا: هل قررت أمريكا تسوية الخلاف بين السعودية والإمارات، أم أنها قررت الانحياز لأحدهما؟ ثانيا: ما الذي ترمي إليه على المدى البعيد من هذه التعيينات؟ لعل صدى القرارات عند مختلف أطياف القوى المتعاملة مع العدوان، سيما الحراك بمختلف فصائله، قد يعطينا بعض الإجابات حول السؤال ا?ول.. أما بالنسبة للسؤال الثاني فا?مر مختلف. بالعودة إلى تعديلات 2014م.. أستطيع القول إن الهدف المرسوم من تلك القرارات المفصلية حينها كان خلق بيئة خصبة تمهد الطريق لإسقاط صنعاء بيد جماعة أنصار الله.. كان هذا ا?مر محل رضا وإجماع، بل وتخطيط حتى، من السعوديين، بل ومن الأمريكيين أنفسهم. لكن خيبة هادي ومن ورائه السعودية، ومن ورائهم أمريكا، تمثلت في عدم اشتعال الصراع بين الحوثيين والرئيس صالح، ا?مر الذي أربك كل مخططاتهم. قال الرئيس صالح إن السعوديين عرضوا عليه حرب الحوثيين ورفض، وأجزم أن الحوثيين بدورهم تلقوا عروضا مماثلة لمحاربة الرئيس صالح، (وإن لم يصرحوا بذلك لأسباب محددة) ورفضوا أيضا.. فكان العدوان. بالعودة لقرارات هادي ا?خيرة أعتقد أنها تستحق الدراسة، بهدف معرفة المغزى الحقيقي لاتخاذها.. ما الذي تخطط له أمريكا بالضبط؟