أكدت صحيفة "ذي انترسيبت" الأمريكية في تحقيق استقصائي أن المملكة العربية السعودية تتعمد قتل المدنيين في اليمن وتدمير البنية التحتية المدنية بما فيها المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية. وبينت الصحيفة الأمريكية واسعة الانتشار أن السعودية ذهبت بعيداً إلى حد استخدام أسلحة محرمة دولياً بدعم أمريكي بريطاني كبير لإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر، بل ونشر الذخائر العنقودية المحظورة دولياً في ساحات واسعة لضمان وقوع ضحايا لسنوات في تلك المناطق بعد انتهاء الحرب. وقالت الصحيفة في تقريرها المنشور أمس الأول إنه على مدى 21 شهراً، يقصف تحالف من عدة الدول بقيادة المملكة العربية السعودية بلا هوادة ويدمر اليمن وقتل أكثر من 10 آلاف مدني بدعم أمريكي بريطاني كبير، وهناك أدلة كثيرة على أن عدد القتلى المدنيين في اليمن هو نتيجة متعمدة وليس من قبيل الصدفة جراء الضربات الجوية للمملكة العربية السعودية. وأضاف تقرير: قصفت السعودية خلال حملتها الجوية على أهداف مدنية لا حصر لها - بما في ذلك المنازل والمزارع والأسواق والمصانع والبنية التحتية للمياه والمستشفيات، ومدارس الأطفال- بل وذهبت إلى استخدام الأسلحة العنقودية المحرمة دوليا، والتي تهدف إلى إلحاق الضرر على مساحة واسعة وغالبا ما تظل قاتلة لسنوات بعد سقوطها. وقالت إنه عندما سُئل الوزير المرشح للخارجية الأمريكية والرئيس التنفيذي لشركة "اكسون" السابق ريكس تيلرسون، خلال جلسة تأكيد ترشيحه الأربعاء، حول استخدام المملكة العربية السعودية للأسلحة العنقودية، امتنع عن الإجابة، وأشار إلى أن الطريقة الأفضل للحد من ضرب المدنيين في اليمن هو تزويد السعودية بمخابرات إضافية لتحديد الأهداف (...). وعندما سأل السناتور جيف ماركلي، تيلرسون خلال جلسة تأكيد ترشيحه: "لقد دأبت المملكة العربية السعودية باستخدام الذخائر العنقودية المحرمة دوليا واستهدفت بها المدنيين في اليمن، وأنت على دراية بذلك على ما يبدو. كيف ينبغي أن تستجيب الولاياتالمتحدة لتلك الإجراءات؟: أجاب تيلرسون: "حسنا آمل أن نتمكن من العمل مع السعودية من خلال تزويدهم بمعلومات استخباراتية أفضل لتحديد الأهداف والحد من ضرب المدنيين (...) لذلك هذا هو أحد المجالات التي آمل أن نتعاون مع السعودية لتقليل هذا النوع من الأضرار الجانبية (...). واعتبر السناتور جيف ماركلي، أن استجابة تيلرسون مثال كافٍ يكشف تعاطي الولاياتالمتحدة مع السعودية بسبب احتياطياتها النفطية، كما أنها أظهرت إما الاستخفاف بأرواح المدنيين أو الجهل حول ما يجري في المنطقة والأخير هو أقل احتمالا. ولفتت "ذي انترسيبت" أن الولاياتالمتحدة تقدم بالفعل معلومات استخبارية لم تتوقف للسعودية عن قصف أهداف مدنية باليمن، وفي الواقع هناك دلائل تشير إلى أن المملكة تستخدم المخابرات الأمريكية لاستهداف المدنيين عمدا. واستحضرت الصحيفة تصريحات مسؤولين في إدارة أوباما لصحيفة نيويورك تايمز في أغسطس الماضي الذين أكدوا أن الولاياتالمتحدة تقدم للمملكة العربية السعودية قائمة بالبنية التحتية الحيوية، وأن السعودية نفذت هجمات بعضها يخالف تعليمات واشنطن، في 14 أغسطس على سبيل المثال، دمرت طائرات التحالف جسرا واصلا إلى العاصمة صنعاء، على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين قد حذروهم من أن قصف ذلك الجسر سيزيد من الأزمة الإنسانية في اليمن. وكانت إدارة أوباما قد قلصت بالفعل تبادل المعلومات الاستخباراتية ردا على تجاهل المملكة العربية السعودية للحياة المدنية. وفي ديسمبر كانون الأول بعد توبيخ علني على قصف المملكة العربية السعودية لقاعة عزاء في العاصمة اليمنية، علقت إدارة أوباما بعض دعمها للتحالف السعودي من بينها ذخائر موجهة بدقة. واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن هذه الخطوة، اعتراف ضمني بأن المملكة العربية السعودية لم تقتل المدنيين عن طريق الخطأ، ولكن تعمدت استهدافهم بالتكنولوجيا والمخابرات الأمريكية. وقال سانجيف بيري، مدير برنامج الدعم وكسب التأييد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بفرع منظمة العفو الدولية في الولاياتالمتحدة: "بدلا من تزويدهم بمعلومات استخبارية أفضل، يجب على تيلرسون قطع جميع الأسلحة الأمريكية والدعم العسكري للمملكة العربية السعودية". وأضاف في رسالة بالبريد الالكتروني: "إن قوات التحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية لا ترحم في قصفها للمجتمعات المدنية في جميع أنحاء اليمن، وقد أظهرت في حربها تجاهل تام للحياة المدنية، مما أسفر عن مقتل وجرح الآلاف وتشريد الملايين من المدنيين".