خصصت صحيفة (الغارديان) البريطانية افتتاحيتها عدد أمس للذكرى السادسة لما يسمى "الربيع العربي"، مؤكدة أن اليمن يُعد أكبر ضحاياه، حيث دفعت تلك الأحداث بهذا البلد إلى مصاف الدول الفاشلة، ولا أفق لوضع حد للاقتتال المتواصل على السلطة والعدوان السعودي، والفوضى والانهيار الشامل لمؤسسات الدولة. الغارديان بدأت افتتاحيتها بحقيقة لا تقبل الجدل، وهي أن ما بعد "الربيع العربي" أسوأ بكثير مما قبل، موضحة "كان يعتقد في بدايته أنه لحظة أمل على الأقل، لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل بالنسبة للملايين من العرب، بسبب الصراع الضروس على السلطة الذي تلى ذلك، والفوضى العنيفة التي رافقتها ولا تزال، فالثورات جاءت في نهاية المطاف بالاختيار بين الحرب الأهلية التي لا تنقطع، والفوضى، أو تجدد الأنظمة السابقة التي يصفها أنصار "الربيع العربي" بالديكتاتورية". وأكدت الغارديان أن بريطانيا متورطة في ما يجري في اليمن، وأنها استفادت كثيراً مما يسمى "الربيع العربي" والذي شكل منجم ربح لصناع ومصدري الأسلحة في بريطانيا "بل إن المملكة العربية السعودية باتت جوهرة وتاجا لتجار الأسلحة في بريطانيا". موضحة أن "السنوات التي سبقت عام 2011 باعت بريطانيا ما معدل قيمته 41.3 مليون جنيه استرليني من الأسلحة الخفيفة، وما قيمته 7 ملايين من الذخيرة و34.3 مليون جنيه إسترليني من العربات المدرعة إلى حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكن في السنوات الخمس اللاحقة ارتفعت المبيعات السنوية إلى معدل 58.9 مليون جنيه و14 مليونا و59.6 مليون جنيه استرليني لتصنيفات المبيعات العسكرية ذاتها، كما أن ثلثي مبيعات الأسلحة البريطانية يذهب إلى الشرق الأوسط، إذ ارتفعت مبيعات الأسلحة الخفيفة والذخيرة والعربات المدرعة إلى مصر بعد عام 2011 من 2.5 مليون جنيه استرليني إلى 34.7 مليون جنيه إسترليني". ولفتت إلى أن بريطانيا أنفقت خلال العامين الأخيرين على صفقات أسلحة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 388 مليون جنيه استرليني ومع قطر بقيمة 170 مليونا، وعمان بقيمة 120 مليونا، ومع البحرين بقيمة 24 مليونا، بحسب إحصاءات الحملة ضد تجارة الأسلحة. تضيف الغارديان: "بين كل هذه الأنظمة المتعطشة للأسلحة، والحريصة في كثير من الأحيان على دعم السلطات غير الشرعية وغير الديمقراطية، المملكة العربية السعودية هي جوهرة وتاج لتجار الأسلحة في بريطانيا، ويظهر تحليل أجراه فريق بحوث الطاقة في منظمة السلام الأخضر لإحصاءات دائرة الضرائب والمكوس البريطانية، أن 83 في المائة من صادرات الأسلحة البريطانية في عام 2013، وقيمتها حوالي 900 مليون جنيه إسترليني، ذهبت إلى المملكة العربية السعودية، كما استوردت بريطانيا في الفترة نفسها نفطا بقيمة 900 مليون جنيه إسترليني من المملكة". مبينة أن "هذه العلاقة باتت تحت تدقيق ومراجعة قانونية إثر جهود الحملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT)، إذ يخشى الناشطون من أن التحالف الذي تقوده السعودية استخدم أسلحة بريطانية في حملة القصف التي يشنها في اليمن وشهدت انتهاكات للقانون الإنساني". وعن تورط حكومة بلادها، تقول (الغارديان): اليمن واحدة من أكبر ضحايا الربيع العربي. استقالة واستبدال السلطة في عام 2012، برهن توسع الحرب الأهلية التي وضعت كل من إيران والمملكة العربية السعودية على رأس تحالف الخليج العربي، ولكن بدلاً من الاعتماد على تجربتها باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة في عدن للعمل بقوة على إنهاء الصراع، ساعدت بريطانيا إلى حد كبير بشوق، وحرضت العمليات العسكرية غير القانونية في كثير من الأحيان دون تمييز التي تشنها المملكة العربية السعودية. ولذا فإن العنف المستمر، والانتهاكات الفاضحة للقانون الإنساني الدولي-ومن أمثلته قصف قاعة عزاء في العاصمة صنعاء في أكتوبر الماضي، والذي أسفر عن مقتل 140 شخصاً- هو في جزء منه، نتيجة أنانية وتصرف الحكومة البريطانية المستهتر. مضيفة: أصبحت اليمن، الفقيرة وغير المستقرة، نتيجة لهذا الإهمال والأنانية الفاضحة، منطقة كوارث، حيث تقدر الأممالمتحدة 12 مليون شخص على حافة المجاعة. ما يقرب من ثلثي السكان الآن في حاجة إلى مساعدات إنسانية، وما يقرب من نصف مليون شخص يعانون سوء التغذية الحاد، في حين يموت طفل واحد كل عشر دقائق. وتابعت: في اليمن الجماعات الإرهابية التي تخشاها بريطانيا وحلفاؤها - مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية - تتغذى على ما خلفته الحملة السعودية من كوارث ظالمة، وبدلاً من رؤية "الانتفاضات العربية" بمثابة فرصة ذهبية لإعادة ما اعتبرته الأممالمتحدة واحدة من أكثر المناطق المتخلفة في العالم، ركزت وزارة الخارجية، وزارة الدفاع، إدارة التجارة الدولية وداوننغ ستريت، على مصالح بريطانيا التجارية، واليمن أسوأ مثال على ذلك. الغارديان أكدت في ختام افتتاحيتها أن على الحكومة البريطانية أن تدعو السعودية وحلفاءها إلى وقف حملتها الوحشية الظالمة في اليمن، وإلى ضمان عودة الاستقرار إليها، وعلى عدم بيع أي أسلحة إلى أنظمة غير ديمقراطية أو اوتوقراطية من المرجح أنها ستستخدمها في انتهاكات للقانون الدولي وشريعة حقوق الإنسان في العالم. كما يجب على جونسون وقف نفاقه عن الحروب بالوكالة، ويعمل ما يجب عليه كدبلوماسي- ضمان التوصل إلى تسوية في اليمن. وتساءلت في الأخير: "هل أن تجارة الأسلحة البريطانية المربحة تأتي على حساب انتهاك حقوق الإنسان وتعزيز القمع السياسي؟".