دانيال لاريسون، "ذي أميركان كونزرفتف"، ترجمة خاصة ل"اليمن اليوم": فارس سعيد اليوم الذكرى السنوية الثانية لبدء التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن، التدخل الذي سبب كارثة عظمى وأضرار كثيرة. وحذرت الأممالمتحدة هذا الشهر من أن اليمن يمثل "أكبر أزمة إنسانية في العالم". من قبل الحرب أُعتبر الشعب اليمني بأنه أشد شعوب العالم العربي فقرا. وفي الوقت الراهن، وفقا لليونيسف، يموت طفل يمني كل عشر دقائق نتيجة لسوء التغذية الحاد ومشاكل أخرى مرتبطة بالحرب والحصار السعودي للشمال. بينما يعاني الكثيرين من حالة التقزم مدى الحياة بسبب سوء التغذية، وباتت التكاليف الإنسانية مروعة، وسيكون لديهم إرث سياسي طويل في المستقبل. عندما بدء التدخل بقيادة السعودية في مارس 2015، حذر خبراء من حدوث كارثة إنسانية ستتبع ذلك التدخل، وبعدها بوقت قصير بدأت الكارثة تتفاقم. وحاليا، يعاني اليمن من أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم من حيث عدد الناس الذين أصبحوا مهددين بالجوع والأمراض التي يمكن الوقاية منها. ويحتاج الغالبية العظمى من السكان البالغ عددهم 27 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، النصف منهم على الأقل يتجرعون الجوع أو أنهم اقتربوا منه. وقد مكنت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من عمل هذا، ولا زالت مستمرة في دعمهم رغم سعيهم إلى خلق ما قد يكون واحدة من أسوأ المجاعات الحديثة من صنع الإنسان. وكما هو الحال عادة، فإن التدخل الخارجي في النزاع المحلي في اليمن قد أدى إلى تكثيف الحرب وإطالة أمدها. كما تسبب في معاناة هائلة للسكان المدنيين من خلال حملة القصف العشوائية والدمار المنهجي لاقتصاد البلد وهياكله الأساسية. ومن المتوقع أن تؤدي الحرب والحصار الذي فرضه التحالف إلى نشوء أزمة إنسانية مروعة تهدد حياة الملايين من الناس إذا لم يبذل أي جهد لمنع المجاعة. لقد أدى الحصار الذي يفرضه التحالف وحملة القصف العشوائي إلى إيصال اليمن إلى الوضع الحالي. والمؤشر الآخر الذي حصلنا عليه هو أن التحالف قد قصف الرافعات في ميناء الحديدة في وقت مبكر من الحرب، وهو ما قلص بشكل كبير من الإمدادات التي يتم تفريغها هناك. ومنذ ذلك الحين، ظلت الأممالمتحدة تأمل في جلب رافعات متنقلة لتحل محل الرافعات التي قصفت من أجل تسهيل وصول المزيد من المساعدات. لكن السعودية واصلت قصف الميناء والمناطق المحيطة. ومنذ أيام قليلة قصفت طائرات التحالف سوقا في بلدة صغيرة قرب الميناء وقتلت ما يقرب من 24 مدني. يقوم التحالف بتسريع السكان المدنيين، ومن ثم شن هجمات على أهدف مدنية، وهو وضع متواصل بانتظام طوال العامين الماضيين بدعم من حكومتنا. وهناك مؤشر بان إدارة ترامب ستواصل هذه السياسية التي يتعذر الدفاع عنها بل وربما تكثيفها. وكان فشل تدخل التحالف السعودي المدعوم من الولاياتالمتحدة على الأرجح متوقعا منذ البداية: كان التحالف يسعى لتحقيق أهداف سياسية طموحة وغير واقعية للغاية، لكنه يفتقر إلى وسائل تحقيقها. بعد عامين من المجازر والدمار الشنيع، فشل التحالف بوضوح في تحقيق جميع أهدافه المعلنة، والشيء الوحيد الذي أنجزه هو تدمير اليمن وتجويع شعبه. وطوال هذه الحملة المشينة، ظلت الولاياتالمتحدة غير متأنية في مساعدة السعوديين وحلفائهم وهم يدمرون جيرانهم الأكثر فقرا. لم يخدم هذا الأمر أي مصلحة أمريكية، ولن يخدمها في المستقبل، لأن الناس الذين استهدفتهم قنابل التحالف والحصار الذي فرضته عليهم،لم يفعلوا أي شيء لنا ولم يشكلوا أي تهديد لنا. مكنت الولاياتالمتحدة السعودية حربا مخزية وشنيعة، من أجل لا شيء. والأسوأ من ذلك، أن الولاياتالمتحدة فعلت هذا على الرغم من عدم وجود التزام لمساعدة أي من الحكومات التي تشن هذه الحرب. لم يكن هذا الأمر حكرا على حكومتنا، ولكن الأمر الذي اختارته الإدارات السابقة والحالية للقيام به هو أنهم يستطيعون ذلك. فالحرب التي تقودها السعودية على اليمن كانت ظالمة ويتعذر الدفاع عنها، لأنها تسببت بالشرور العظيمة أكثر من منعها. كما ثبت أن السعوديين وحلفاءهم أساؤوا في حساب التداعيات التي ستجلب عليهم وضخ مواردهم وأموالهم في حرب لا يستطيعون الفوز بها ولكنهم يشعرون الآن بالحرج الشديد لوقف الحرب. وبعيدا عن التصدي لتهديد خطير على الأمن السعودي، فقد خلق التدخل واحدا من التهديدات الكارثية من خلال شن الحوثيين وقوات الجيش اليمني المتحالفة معهم، ضربات انتقامية داخل الأراضي السعودية. لم يواجه السعوديون "تهديدا وجوديا" من اليمن، لكنهم يواجهونه الآن بسبب تهورهم في حرب دون النظر إلى مآزق التدخل، وساعدتهم الولاياتالمتحدة بغباء على القيام بذلك. إن دعم عملائنا المتهورين بشكل غير حاسم يؤدي إلى كارثة بالنسبة لعملائنا وعار دائم لنا، والملايين من المدنيين الأبرياء يدفعون الثمن، كل ذلك حتى تتمكن حكومتنا من "طمأنة" عدد قليل من الطغاة وإشباع رغباتهم وجنون عظمتهم. وكما يقول بروس ريدل، مستشار سابق لأربعة رؤساء أمريكيين "يٌوجد التوصل إلى أن مصلحة أمريكا الرئيسة تكون في مساعدة أقدم حليف لنا في المنطقة، المملكة العربية السعودية، مخرج لصراع لا يصب في مصلحتها". لكنها في هذه النقطة تكون غير صائبة. ذلك أن المصلحة الأمريكية الرئيسة بعد عامين من هذه الحرب المشينة تكمن في الاعتراف بأن السعوديين ليسوا حليفا حقيقيا على الإطلاق، وعلينا تخليص أنفسنا من العلاقة الضارة التي تربطنا بهم بأسرع ما نستطيع. فمن دون الدعم الأمريكي، ستكون السعودية وحلفاؤها مضطرين لمواصلة حربهم الفاشلة، وسيكون عليهم التصالح مع أعدائهم عاجلا أم آجلا. إن مهاجمة اليمن لم يصب البتة في مصلحة السعودية، ويتعين ألا تكون لدى الولاياتالمتحدة رغبة للعمل مع حكومة متهورة تصورت أنها ستحقق نصرا هناك. * مجلة " ذي أميركان كونزرفتف" مجلة شهرية أمريكية متخصصة وواسعة الانتشار. العنوان الأصلي للمادة "الحرب السعودية على اليمن يدخل عامه الثالث.. فهل حققت أهدافها؟!".