بعد عقد من ركود العلاقات القطرية اليمنية التي دخلت خانة التميز خلال حرب 94م وجدت قطر في الحرب على الحوثيين مدخلاً مناسباً للعودة إلى اليمن، خصماً للحكومة هذه المرة متناغماً مع موقف إيران من الحرب على الحوثيين، بل تعدى ذلك إلى تبني خطاب إعلامي مناهض لموقف حكومة صنعاء ومؤيد للحوثيين، وبعد توسع رقعة الحرب واستعصاء هزيمة الحوثيين على القوات الحكومية، طرحت قطر مبادرة لوقف الحرب مثلت حسب المراقبين حينها «ولادة جديدة للحوثيين» كون موافقة الحكومة على رعاية طرف دولي مبادرة بين الحكومة ومتمردين عن الدولة تعدّ اعترافاً بالحوثيين كجبهة وطرف له الحق في المناورة ورفض وقبول بنود المبادرة وليس الانصياع للقانون والدستور المنظم لأمور الدولة التي يعيشون فيها..ولم يستطع صالح وكبار معاونيه حينها تحمل فجاجة التدخل القطري والإملاءات التي أتت لصالح الحوثيين وإدانة الجيش اليمني الذي يقاتل المتمردين في جبال صعدة، ليعلن صالح بطريقة غير مباشرة موت المبادرة القطرية.وكان وزير الإعلام اليمني الحالي علي العمراني، الذي كان حينها عضواً في البرلمان، أول من هاجم الدور القطري والتحرك تجاه صعدة، واتهم قطر وإعلامها بتنفيذ حملة لتقويض الاستقرار في اليمن والدعوة إلى إعطاء الحوثيين حق تقرير المصير وتأييد حمل السلاح وأخذ الحقوق بالقوة.وقال «العمراني»، في إبريل 2010، إن اليمنيين خاب ظنهم في قطر عندما لاحظوا التغير في سياستها تجاه اليمن، ورأى الموقف القطري ردة فعل لا تستند إلى رؤى بعيدة المدى أو استراتيجيات مستقرة نسبياً أكثر من استرشادها وتأثرها بإرث ثقافة العشائر والأعراب الذين تستفزهم الصغائر وتتحكم فيهم الأحقاد. التحالف مع علي محسن ولأن اللواء علي محسن الأحمر، القائد العسكري اليمني المحسوب على الإخوان المسلمين، كان ممثلاً لحكومة بلاده في مبادرة قطر مع الحوثيين، فقد استغل التواصل مع القطريين منذ عام 2008 لبناء علاقات شخصية بقيادات قطرية أثمرت عام 2010 عن تمسك قطر باللواء الأحمر للاستفادة منه في لعب دور لها في اليمن.وجاء رفض الرئيس اليمني السابق حضور قمة غزة التي انعقدت في 16 يناير 2009 في الدوحة ليضيف كثيراً إلى تعقيدات علاقته بقطر، ويقود الدوحة إلى صف خصومه الذين كانوا حينها مع حضور اليمن قمة غزة بزعامة الدوحة ودمشق.وعَرَف القطريون نفوذ اللواء علي محسن الأحمر والتحالف القبلي – العسكري – السياسي الذي يتزعمه في اليمن، فبدأت تحركات قطر نحو الدفع بالرجل إلى الواجهة في اليمن من خلال دور سياسي له في تكتل اللقاء المشترك.وذكر سياسي بارز ل"الشرق" أن القطريين كانوا يعدون اللواء الأحمر لحكم اليمن من خلال مشروع اتفق عليه الطرفان عام 2010 قبل أن تنطلق ثورات الربيع العربي.وأضاف السياسي، الذي ينتمي إلى التنظيم الشعبي الوحدوي الناصري ورفض كشف هويته، أن علي محسن كان يتحرك نحو بناء تحالف عسكري وقبلي وسياسي عبر اللقاء المشترك بدعم من قطر، وأنه كان يعمل مع صالح بصورة ظاهرية فقط وينشط لصالح المشروع القطري، خاصة بعد أن قام الرئيس السابق بتعيين قادة عسكريين في وحدات تابعة له متجاوزاً سلطته المطلقة في الجيش منذ سنين، وأوقفت الدوحة الدعم الذي أعلنت عن تقديمه لليمن في مؤتمر المانحين في لندن عام 2006 وقدره نصف مليار دولار، إضافة إلى وقف برامج كثيرة كانت أعلنت عن تمويلها في اليمن، منها مدينة سياحية كبيرة تقع على أهم مواقع العاصمة اليمنية في جبل عصر المطل على كل صنعاء. الربيع العربي كان وزير خارجية قطر أول طرف دولي دعا الرئيس السابق إلى التنحي عن السلطة.ووصل الحال بقطر إلى تسيير مظاهرات للجالية اليمنية في الدوحة، طالبت فيها صالح بالتنحي عن السلطة، رغم أن زخم الاحتجاجات الشعبية ضده كان لايزال ضعيفاً حينها.وبعد إعلان المبادرة الخليجية، أعلن الرئيس السابق ترحيبه بها ورفض التدخل القطري أو الخارجي في الشؤون الداخلية لبلاده.وقال صالح، في الثامن من إبريل 2011، أمام حشود هائلة من أنصاره في ميدان السبعين، "شرعيتنا نستمدها من قوة شعبنا اليمني العظيم وليس من قطر، والمبادرة القطرية مرفوضة".وكشف النائب في البرلمان اليمني أحمد سيف حاشد، أكثر من مرة عن ضخ دولة قطر دعماً مالياً لحزب الإصلاح (الذراع السياسي للإخوان المسلمين في اليمن، وأكبر أحزاب تكتل المشترك قيمته 17 مليار ريال يمني شهرياً، الدولار = 225 ريالاً يمنياً). واتهم حاشد، وهو من قادة الاحتجاجات ضد صالح، قطر بتجيير الثورة ضد صالح لحساب حركة الإخوان في اليمن الذين يعدون حلفاء قطر في المنطقة حالياً، وتقود هي تحركاتهم.