* موجة الصراع الدامية والمأساوية التي شهدتها عدن وبعض محافظات الحزام الجنوبي خلال الأيام الماضية عكست بما لا يدع مجالاً للشك المدى المخيف الذي بلغته حالة الاحتقان والتعصب الطائفي والمناطقي المخيمة بقوة على نسيج ومستقبل الهوية والعلاقات الاجتماعية والوطنية بصورة لا تبشر بمستقبل وطني آمن ومستقر على المدى الزمني الطويل . *التوقيت والطبيعة المناطقية للأحداث تشيران بوضوح إلى أن عدن وبعض المحافظات الجنوبية تحولت على ضوء الأزمة الوطنية الراهنة إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين البعض .. وأن ثمة أطرافاً وأدوات داخلية وخارجية عدة تقف وراء إنتاج وتغذية مظاهر الاحتقان الاجتماعي والوطني المتصاعدة تلك .. وعلى رأسها بالطبع يقف حزب الإصلاح وأعوانه داخل القبيلة والمؤسسة العسكرية كما تشير بذلك وجهة الأحداث الحالية والمتسارعة والدالة في الوقت ذاته على أن البلاد باتت مهيأة وأكثر من أي وقت مضى في ظل الظروف والتحولات الراهنة للتعاطي مع فكرة التشظي والانقسام الذي ولدته في محيطها سادية الزعامات الإصلاحية وأصوليتها المستمدة من تاريخها الدموي الطويل والمعمد بدماء وأشلاء الأمة. *فالوحدة في خطر ماحق وحقيقي، والأرواح البريئة تزهق عبثاً وبالمجان، والنقاط العسكرية تستحدث في مدن الجنوب الرئيسية والثانوية لالتقاط المطاوعة، والدحابشة يعيشون خليطاً من الخوف واليقظة والترقب والاستنفار في شتى مناطق ومحافظات الحزام الجنوبي الملتهب بمظاهر الغليان التحرري الذي صنعت منه قناة عدن لايف الفضائية نسخة مشهدية شديدة الشبه بحقبة المد الثوري التحرري التي عمت منطقتنا العربية في منتصف القرن الماضي . ويبقى المستفيد الرئيسي والوحيد وسط معمعة الفوضى العارمة والمتنامية تلك هو حزب الإصلاح وأمراء حربه الذين نجحوا وعبر منطق القوة والاحتراب في إيصال القضية الجنوبية إلى نقطة اللا عودة... * وهنا ينشأ السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح في هذه الحالة حول مصلحة القوى الراديكالية والدينية المتشددة في حزب الإصلاح، وتحديداً أولاد الأحمر وصنيعتهم سيئ الصيت الجنرال علي محسن الأحمر، من وراء تصعيدهم المنهجي والمفضوح لأسباب ومظاهر الاحتقان والتفكك والاحتراب الأهلي الداخلي الذي بلغ في الوقت الراهن مرحلة الغليان الفعلي كما يوحي بذلك منطق وأدوات المواجهة المحتدمة حالياً بين مطاوعة السوء من جهة، وبين القوميين الجنوبيين الذين دفعتهم بلطجة الإصلاح وأولاد الأحمر حد إنشاء واستحداث نقاط عسكرية في مداخل مدنهم الرئيسية والثانوية بحثاً عن كل من تنم ملامحه عن شبهة انتماء فكري أو حركي لحزب الإصلاح بغض النظر عن هويته المناطقية والطبقية وما إذا كان جنوبياً أو شمالياً ..الخ * فإذا كان الإصلاحيون يهدفون من وراء إيغالهم البربري ذاك في إشعال جذور الفتنة الوطنية الداخلية وتوسيع نطاق الفوضى الأمنية والتناحر الطائفي والكراهية الطبقية بين أبناء الوطن الواحد .. إلى ضمان نفوذهم وتعزيز هيمنتهم المطلقة على مصير البلاد والعباد .. فهم ولا شك قد نجحوا في ذلك مع أنهم لن يحكموا إذا ما قدر لهم الحكم منفردين في قادم الأيام سوى رقعة ديمغرافية صغيرة من الأرض لن تتعدى حدودها على الأغلب نطاق منطقة معبر جنوباً ومنطقتي عمران وأرحب شمالاً وستكون النتيجة وطناً ممزقاً ومتناحراً وضعيفاً يجتاح أبناءه خوف عميق من المستقبل. * أما إذا كان سعيهم التخريبي ذاك يخدم أهدافاً ومخططات خارجية تسعى لتفتيت وحدة البلاد وإضعاف بنيتها بغرض السيطرة على موانئها ومنافذها البحرية وثرواتها القومية والتحكم بقرارها السياسي .. فإن عليهم أن يدركوا في هذه الحالة بأنهم لن لا يكونوا بمنأى عن النار التي أشعلوا فتيلها اليوم في جسد الأمة والوحدة والنسيج الاجتماعي والوطني وأن التاريخ سيلعنهم وسيصمهم بالعار والجبن والخيانة .. والتاريخ لا يرحم، وبالأخص أولئك الذين ينتهجون أسوأ السبل والخيارات لقهر وإيذاء شعوبهم ومجتمعاتهم بالصورة الراهنة والمكرسة حالياً كأمر واقع من قبل المطاوعة.. وللحديث بقية.... *الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة