ما أكثرها حواراتنا في هذه الأيام.. ومواكبةً للحدث الحواري الهام الذي نعيشه على أيّ حالٍ كان، ونحن مترقبون أو متربِّصون بأولئك القوم المتحاورين أو المجبرين على التحاور!، فقد دار حوارٌ ساخن بيني وزميلي المثقف اليائس والمراقب للحدث بحماس وطني محض، حول "أهمية الحوار الوطني"، فإذا به يتعجل فشل عملية الحوار، وما سيؤول إليه مصيرنا، وهل ستنهار الأمة اليمنية وتقوم قيامتُها الكبرى؟ إنني لا أعبأ كثيراً بالنهايات المخيفة على اعتبار أننا أمواتٌ سلفاً، وقيامتُنا الصغرى قامت فعلاً حين فقدنا معنى كوننا أحياء.. فما هي مقومات الحياة التي نمتازُ بها مقارنة بدول الجوار الأحياء إلى أبعد الحدود!، وهل أصبح الحوارُ شغلنا الشاغل، أو كابوساً مرعباً يضاف إلى ذاك الكم الهائل من المقلقات لنفوسنا المتعبة، والمهددة على الدوام بنهب راحة لم تصل إليها بعد، فكيف سيسلبنا الحوارُ ما لم نحصل عليه أصلاً!. إننا في اليمن يُمارس ضدنا سياسة الموت السريري، وما أصعب أن تموت أحلامنا بالحياة الكريمة، وما أفظع أن تؤد الفكرة في مهدها، وهل لأننا نفتقد لكل المقومات السليمة لحياة تليق بالآدميين فإننا نستحق عملية الإبادة الشاملة من المساحة الجغرافية المدعوة بالوطن، أم أننا في حال فشل الحوار سنرجع عبر "آلة الزمن العجيبة" للعصور الحجرية البائدة، وأتساءل ما هو الوضع الأكثر سوءاً مما نحن عليه؟!.. فيا أيُها المتحاورون الأجلاء أريحوا الشعب الميت "والضرب في الميت حرام"، وفي خضم أفكاري الهوجاء حول النهاية المأساوية المرتجلة للشعب اليمني المنقرض بفضل "الحالة الحوارية الفاشلة!" أطلق زميلي المتحمس مقولةً أيقظتني من حالة اللاوعي: "وهل سيغادرون المؤتمر أحياء في حال فشلوا!!" لا أتوقع قيام عملية تصفية للمتحاورين بسبب ذلك، فأنا أتعلق ببصيص الأمل الأخير في نجاح أيّ وضعٍ لا يزيد "طينتنا بلّة" وأحسن نيتي بحسن نواياهم الحوارية، "وعصيدتهم يمتّنوها". وعلى افتراض "فشل الحوار" لا سمح الله، فلا نتوقع الأسوأ مما نحن عليه، لن نيأس وربما سنتشبث بالقليل من مقومات العيش المتقشف على كافة الأصعدة، وهو غاية الأماني ما دمنا ننعم بالأمان حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. وإذا بي أرى دموعاً تترقرق من عيني زميلي وكأنه يشهد نهاية وطنه أمامه، فلم أر إلا أن أواسيه بقولي "أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر".