مرّ اليمن بمخاضٍ صعب وولادة أصعب، بقدوم ما أُطلق عليه الربيع العربي.. وخرج الشباب..افترشوا الأرض، سكنوا الخيام، واتخذوا الساحات والاعتصام وسيلة لإحداث التغيير الذي كانوا ينشدونه. خرجوا إلى ساحات الحرية، حاملين آمالهم وطموحاتهم في بناء يمن جديد..خرجوا ضد الظلم والقهر والفساد..واجهوا الموت بصدور عارية يملأها الحلم بالخلاص من سنوات الفساد والخراب والدمار.... حلموا بيمن جديد تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية.. رموا وراء ظهورهم كلّ الخلافات والنزعات الطائفية والعرقية والمذهبية، فلم نعد نسمع هذا شمالي وهذا جنوبي، ولا هذا زيدي وذاك شافعي..وتساوى الهاشمي والقحطاني في ميزان الثورة.. جميعهم انصهروا في بوتقة واحدة، نظيفة طاهرة طهارة قلوبهم وأحلامهم... رافعين علم الوحدة من شمال الشمال في صعدة..وحتى جنوب الجنوب في المهرة، لأن الهدف واحد، والحلم واحد. واليوم وبعد كل هذه التضحيات، نصل إلى حقيقة مرة..وهي أن كلَّ ما خرجوا إليه مازال حلماً بحاجة إلى رجال يصنعونه وشباب يحمونه. إننا بحاجة إلى رجال.. فمن يصنع مستقبل هؤلاء الشباب، ومن يرسم ملامح اليمن الجديد!! ليسوا شبابها ولا رجالها، كما يظن البعض.. إنما هي مصالح ومطامع إقليمية، وبأيدٍ يمنية. فمازالت حمَّى التطرف والطائفية والعصبية القبلية هي السائدة.. وأصبح لنا علمان، وانقسم حلم الشباب إلى حلمين.. وتم تقاسم السلطة، ليس انطلاقاً من الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن انطلاقاً من قاعدة التقاسم بين القوى الحزبية. وأزيلت الخيام بتفاوت تحقيق مصالحها.. وظلَّ الشباب- ومن كانوا وقود هذا الربيع- حبيسين لهذا الحلم الذي لم يتحقق بخروجهم إلى ساحات الاعتصام وخيام الحرية. لا نريد أغبياء سلطة، بل رجالاً لليمن.. حقيقة تؤلم من تعوّد الأوهام... فالسلطة لا تفسد الرجال، وإنما العاجزون إن وضعوا في السلطة يفسدونها... لهذا..ومن أجل الدماء التي أُريقت على دروب الحرية..من أجل التغيير..من أجل يمن جديد.. نطلق نداء: مطلوب رجال لليمن ..يضعونها في حدقات عيونهم..ويعملون من أجل نهضتها، ويرفعون اسم اليمن عالياً، ويعيدون لهذا الشعب كرامته، وينقلوننا إلى مدنية طالمنا حلمنا بها ورسمت ملامحَها دماءُ الشهداء.