كان مراسل قناة الجزيرة بصنعاء يكذب إذاً (!!) هذا ما أورده المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية في اتصال هاتفي مع محرر صحيفة "الأولى" اليومية قبل أيام، واصفاً ما ينسبه أحمد الشلفي على لسان رئيس الجمهورية بالخزعبلات، فلماذا يُعرض مراسل إخباري مصداقيته للخطر ؟! يأتي أحمد الشلفي مراسل مكتب الجزيرة بالعاصمة صنعاء من بيئة أدبية فهو الحائز على جائزة رئيس الجمهورية السابق في الشعر، وبجوار مائة صحفي متمكن دخل الشلفي اختبار المنافسة على مقعد المراسل الإخباري، واختارته لجنة المعايير المرسلة من قناة الجزيرة القطرية لفحص ملفات المتقدمين لوظيفة (مراسل صنعاء) ، فكان اختيار الشاعر المنخرط بصفوف تنظيم الإخوان المسلمين سابقة على الصعيد المهني لقناة إخبارية عظيمة . اختلق خيال الشاعر الشاب قصصاً كثيرة ضلل بها قناته الإخبارية في قطر، قبل أن يصل الأمر إلى آخر حكاية أعدها بسوء نية عن طارق محمد عبدالله صالح، الذي اتهمه بلسان الرئيس الحالي بالضلوع في مجزرة 18 مارس 2011م، وتناقلت الصحف اليومية المناصرة لتنظيم الإخوان المسلمين في اليمن هذه الشائعة المختلقة، إضافة لرواية أخرى قال إنها أسرار خاصة تحدث بها الرئيس هادي للشخصيات الاجتماعية بمحافظة الحديدة قبل أسبوع تقريباً، وظهر الرئيس فيها منحازاً لطرف سياسي وعسكري . مكتب إعلام الرئيس هادي وصف روايات الشلفي ب(التلفيقات الهادفة لتحقيق أهداف سياسية معينة، خصوصاً في الظرف الحالي، بعد صدور قرارات هيكلة الجيش اليمني للتغطية على ما يحدث) من إعاقة مباشرة من قبل المستشار الجديد اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنشقين العسكريين عن نظام الرئيس صالح في 2011م . الأمر واضح إذاً: الشلفي الذي دعا ذات يوم اللواء محسن إلى تقديم استقالته تنفيذاً لوعد قطعه على نفسه، كان يذر الرماد في العيون للتغطية على ولائه الطائع لرجل الربيع اليمني الأول، حيث أنه يقدم بكل أريحية كذبة كبيرة نسفها مكتب إعلام الرئيس وتحدث لأول مرة بقسوة عن قناة الجزيرة التي وصفها بالسيئة السمعة والخارجة عن مفهوم العمل الصحفي ونزاهة المهنة، هذه النزاهة كانت محل تشكيك مباشر من الكاتب اليومي بصحيفة الأولى: محمود ياسين الذي كتب (لم أعد أصدق ما تقوله قناة الجزيرة. عندما يكذب أحدهم لصالحك تفرح وتشعر بالامتنان، لكنك لا تعود تصدقه فيما بعد) !! ، وكان علي البخيتي، عضو مؤتمر الحوار الوطني شن هجوماً لاذعاً على مراسل الجزيرة بصنعاء، على خلفية تقرير إخباري تم إعداده بصورة مجتزأة لا توضح حقيقة الصورة الكاملة . منذ العام 1996م وقناة الجزيرة تسيطر على التدفق الإخباري للوطن العربي، سيطرة حققت خلالها مكاسب عظيمة خلقت أسطورتها المذهلة باعتبارها مصدر تشكيل القناعات السائدة للرأي العام العربي بصورة خاصة . إلا أن الجزيرة منذ صباحات الأيام الأولى للعام 2011م سلمت تاريخها العظيم لتنظيم الإخوان المسلمين، وسمحت لهم بنسف مجدها الحافل بالمهنية العالية، وتحالفت معه لإسقاط الأنظمة والوقوف مع الشعوب في انتفاضتهم المتسارعة على آليات بعض الحكومات العربية الفاسدة . غير أن التسليم بواحدية الواقع الاجتماعي في بلدان الربيع العربي ضرب مصداقية الجزيرة في اليمن بوجه خاص، لتبنيها وجهة نظر شخصيات عسكرية وقبلية متطرفة وفاسدة وغير مقبولة شعبياً، مما جعلها سلاحاً بيد هذه الشخصيات سيئة السمعة والهدف، فخسرت معه كل ما يمكن أن يكون جيداً لصالح الشعوب المظلومة . وتمكن مدير مكتبها ومراسلها بصنعاء من دحرجتها لتصفية الخصومات الشخصية بين عائلتي الأحمر من حاشد وسنحان اللتين كانتا تحكمان اليمن . قبل أشهر نشر أحمد الشلفي على صفحته في فيسبوك تهديداً نسبه لطارق محمد عبدالله صالح الملحق العسكري الجديد بألمانيا الاتحادية، لقي تضامناً لا محدوداً من كثير من الفعاليات السياسية والمدونين، إلا أن طارق صالح نفى بعد أيام هذه الحادثة، وتوعد الشلفي بمقاضاته عبر القضاء، هذه الخصومة المستمرة من قبل مراسل الجزيرة بصنعاء مع عائلة الرئيس السابق تثير التساؤلات العميقة حول من يقود من ؟ ومن يضلل من ؟ .. غير أن الإجابة الأكثر قراءة لواقع حضور قناة الجزيرة الفضائية بالجغرافيا اليمنية هو المفاجأة التي تؤكد أن هذه القناة العظيمة سقطت في قبضة الصراعات اليمنية المعقدة وصارت مُستخَدماً غير نظيف للاستقواء بالهيمنة الإعلامية التي يكرسها (شلفي الجزيرة) لمصالحه المدروسة، ويسحب معه في هذا السياق كل إمكانات القناة القطرية، وكل تاريخها إلى السقوط المدوي أو مرحلة اللاعودة .. وهو سقوط محزن في كل الأحوال . ..وإلى لقاء يتجدد ..