من الجميل أن يعيش الشعب وحدة متكاملة بمعنى الكلمة، والأجمل أن ينفذوا اللُحمة الوطنية والسلام! أن يكون هاجسهم الأوحد بناء هذا الوطن، وأن يراعوا في البناء الأسس السليمة لا الغش والخداع والمراوغة، أن نبتعد عن " الفردية" والأنانية والوصولية! أن لا نبحث عن أخطاء الآخرين ونتصيدها فكلنا خطاؤون، وخير الخطائين التوابون، أن ننأى بأنفسنا عن مستوى المؤامرات فنحن إخوة، والأخ لا ينصب الشباك والمصائد لأخيه ليوقعه، أن ننسى مساوئنا ومماحكاتنا التي سلبتنا أرواحنا الغالية، وأجبرنا فيها على لبس أدوار ليست لنا " مجبرٌ أخاك لا بطل" مع قياداتنا السياسية أو ضدها حسب دوران رُحى المرحلة"الغبارية" بكل عواصفها ورمالها الهوجاء دُرنا ودارت دوامة عصيبة، لم ندرك فيها معنى الحقيقة! ، وما هي مصلحتنا وسبلنا لأن نعيش تحت سماء واحدة! والحديث يأخذنا في هذا المقام عن تلك الساحات التي شكلت ثقلاً لا يستهان به.. تغييرٌ كان لزاماً علينا أن نخوضه مع كل مستجدات الساحة العربية إجمالاً، "ضد أو مع" خرجنا وخرجوا غالباً من المولد بلا حمص، والسياسي القديم هو ذلك الجديد لا فرق ولا جدوى من كثرة هتافاتنا وتنديداتنا كان ذلك جُلَّ ما حصدناه وحصدوه لغة الهتاف والتصفيق هي أكثر ما أدركه الشباب الشريحة المغلوبة على أمرها وربما كانت مطالبها أكثر واقعية عما انحرفت إليه فيما بعد!! لغة السياسة الغامضة جرفت شريحة الشباب ، لقد كان الاعتصام "قضية شعب" من المفترض أنها "مسألة مبدأ" لا حياد عنه، وبانتهاء اللعبة السياسية، انتهت المدة الافتراضية للدور الذي قام به الشباب وانعدمت الحاجة إليهم وإلى ساحاتهم!! وكم تمنينا أن نحمل ذكريات بطولية مشرفة وبعيداً عن المماحكات السياسية، تمنينا أن نفخر بأخلاقنا العالية للأخوة في النزاع، لقد أفرزت المرحلة الكثير من الأحقاد والكثير الكثير من الصفات المستجدة والدخيلة علينا نحن " الأرقُ قُلوباً..." أذكر جيداً عندما أحرق جامع دار الرئاسة في شهر من الأشهر الحرُم وفي موقفٍ فريد مهيب لبيت من بيوت الله، فبغض الطرف عن من كانوا بداخله!، حينها عمَّ الفرح ساحة الجامعة ، وذبحت ابتهاجاً الذبائح، وزغردت النساء، وأطلقت الألعاب النارية، احتفاءً بالحدث، أنحن في اليمن !، أيصدر هذا الفعل المشين عنَّا!! شعرنا بالذهول من انحدار مستوى أخلاقنا ، وكما يقال إن مصائب قوم عند قوم فوائدُ، والحرب خدعة، ولكن الحرب أيضاً أخلاق ومعايير، والدين والعرف لا يرضيان التطاول على بيوت الله، والغدر والقتل أثناء تأدية الصلاة ليست من شيمنا ولا هي من أخلاقنا كمسلمين، وفي وقت لا حق عندما أذيعت أول رسالة صوتية للرئيس / علي صالح سابقاً، يعلن فيها أنه بخير ما دمنا بخير، وتحدث فيها بأسلوب مسالم وهو يئن تحت وطأة الوجع، تعاطفت كل القلوب معه وحتى المتكابرون، واقشعرت الأبدان، وتزلزلت الأرض من قدرة الله، ومادت الأحقاد المضادة، وأطلقت الألعاب النارية ابتهاجاً وسروراً بالسلامة، وزغردت الحلوق فرحة ليس بعلي فقط وإنما "بالمبدأ ذاته، أن ينصر الله من كان في حمايته، وكلنا أمنيات أن يظهر الله الحق في كل جرائم الحرب سواءً في دار الرئاسة أو في جمعة الكرامة أو غيرها، لأنَّا كلنا سواسية ودماؤنا غالية، لا فرق في هذا بين المسئول أو المواطن العادي، نطمح في المقام الأعلى أن يجمعنا وطن واحد، ننعم بخيراته، وهل يتسنى ذلك لو كان أحدنا يحمل ذرة حقد لأبناء هذا الوطن أو لترابه الطاهر!! إن السفينة لن تسير لو أحدث أحدنا عيباً فيها أو طمع مثلاً في أن ينهبها لأنه كمن يقلب السحر على الساحر، ومصيره ومصيرنا الغرق، ولا أظن أن أي عاقل يرضى بهذه النتيجة.. إذاً غايتنا أن نحقق كوننا إخوة في الله وإخوة في الوطن، نحيا في الله ونحيا من أجل الوطن، وكلُنا يمانيون..