قال الله تعالى : (( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ، ويشهد الله على مافي قلبه ، وهو الدّ الخصام . وإذا تولى سعى في الأرض ليُفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ، والله لا يحب الفساد . )). يقول الشهيد سيد قطب _ رحمه الله تعالى _ في تفسيرة لهذه الآيات : (( هذا المخلوق الذي يتحدث ، فيصور لك نفسه خلاصة من الخير ، ومن الإخلاص ، ومن التجرد ، ومن الحب ، ومن الترفع ، ومن الرغبة في إفاضة الخير والبر والسعادة والطهارة على الناس .. هذا الذي يعجبك حديثه . تعجبك ذلاقة لسانه ، وتعجبك نبرة صوته ، ويعجبك حديثه عن الخير والبر والصلاح .. (( ويشهد الله على مافي قلبه )).. زيادة في التأثير والإيحاء ، وتوكيداً للتجرد والإخلاص ، وإظهاراً للتقوى وخشية الله .. " وهو الد الخصام " ! تزدحم نفسه باللدد والخصومة ، فلا ظل فيها للود والسماحة ، ولا موضع فيهاللحب والخير ، ولا مكان فيها للتجمل والإيثار . هذا الذي يتناقض ظاهره وباطنه ، ويتنافر مظهره ومخبره .. هذا الذي يتقن الكذب والتمويه والدهان .. حتى إذا جاء دور العمل ظهر المخبوء ، وانكشف المستور ، وفضح بما فيه من حقيقة الشر والبغي والحقد والفساد : (( وإذا تولى سعى في الأرض ليُفسدفيها ويهلك الحرث والنسل ، والله لا يحب الفساد . )) . وإذا انصرف الى العمل ، كانت وجهته الشر والفساد ، في قسوة وجفوة ولدد ، تمثل في إهلاك كل حي من الحرث الذي هو موضع الزرع والإنبات والإثمار ، ومن النسل الذي هو امتداد الحياة بالإنسال ..