طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    ايران تلقي القبض على 700 جاسوس    كيف تمكن الموساد من اختراق ايران ..والى أي مستوى وصل    بثلاثية الترجي.. تشيلسي إلى دور ال 16    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    بوليتيكو: استهداف منشآت إيران النووية لم يضعف قدراتها.. بل عزّز خيارها النووي    تشيلسي يغتال حلم الترجي بثلاثية قاسية    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    بلاغ للزبيدي.. أعداء الجنوب الأمنيون يتسللون إلى معاشيق بأوامر العليمي غير المعلنة    تفاصيل إخماد تمرد في معسكر القوات الخاصة بلحج    مصادر تتحدث عن تقرير صادم لاستخبارات البنتاغون بشأن نووي إيران    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    استشهاد بطلين من القوات المسلحة الجنوبية في جبهة الضالع الحدودية    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    تقرير أممي: استمرار تدهور الاقتصاد اليمني وارتفاع أسعار الوقود والغذاء    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد خطة عسكرية ضد "انصارالله"    صنعاء.. الخدمة المدنية تعلن الخميس المقبل إجازة رسمية    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    اليمنية توضح تفاصيل حادث عرضي لطائرة في مطار عدن    إدارات أمن عدد من مديريات إب تحيي ذكرى الولاية    تكتل قبائل بكيل يدين قصف قاعدة العديد في قطر ويدعو لتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب والتدخلات    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الرئيس الزُبيدي يبحث مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي الأوضاع الراهنة في بلادنا وسُبل دعم جهود السلام    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    وفاة امرأة في عدن جراء انقطاع الكهرباء    إصابة 7أشخاص بحادث مروري بذمار    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    - عنوان ممتاز وواضح. ويمكنك استخدامه كالتالي:\r\n\r\n*الأوراق تكشف: عراقيل تهدد إعادة فتح فندق موفنبيك \r\nعراقيل مفاجئة أمام إعادة افتتاح موفنبيك صنعاء... والأوراق تفتح الملف!\r\n    استشهاد وإصابة61 مواطنا بنيران العدو السعودي الأمريكي الصهيوني في صعدة    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    وفاة وكيل وزارة الثقافة عزان    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    الأهلي المصري يودع مونديال الأندية    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    إيران تنتصر    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية الفحولة
نشر في يمن فويس يوم 06 - 08 - 2014

ربما هي من الأشياء المطلقة التي تجمع الذهنية العربية على عنف حضورها وتعاقبها تاريخياً، حتى اللحظة الزمنية الراهنة. إنها الفحولة أو الفردانية التي استوطنت النسق المعرفي للنخب السياسية والدينية والثقافية، وتسربت في الوعي الجمعي للأمة العربية، غير آبهة بتحولات التاريخ وأحداثه وإنجازاته المفاجئة والمتوالية على نحو مذهل.
إن قراءة موروث الأمة الفكري والأدبي والتاريخي والإبداعي بشكل عام، تظهر لنا نمطية تلك الصورة الفحولية، وضخامة جنايتها على العقل العربي، والحد من فاعليته وما ينتجه من معرفة. فالمثقف العربي وإن تدثر بأغطية الحداثة ومفاهيمها، ما يزال يؤمن بثقافة الفرد أو الفحل ويجسدها في علاقاته وإفرازاته المعرفية، ويعيد إنتاجها، حتى وإن بدا في صورة ما متمثلاً لمبدأ من مبادئ الحداثة، فسرعان ما يتنافى معه على مستوى التمثيل الفردي، والتثميل الجمعي على حد سواء، ولذا كانت العاقبة التفرد في الوضعية والإنتاج، والتفرد في الفعل والفاعلية.
وهكذا تبدو تجليات الفعل الإبداعي الحداثي الذي يمارسه العقل العربي فعلاً ناقصاً في الحضور والتطبيق والإنتاج، بسبب طغيان الأنا المتضخمة والمرتبطة مصيرياً برتبة (الفحل)، فهناك الشاعر الفحل، والناقد الفحل، والرئيس الفحل، والعالم الفحل؛ لتطغى الفحولة ويتكاثر الفحول، فإذا كل فحل له عقيدته المنزهة عن الخطأ ونهجه الذي لا يحيد عن الحق. وبهذا الفعل تغيب المؤسسة ويموت الإيمان بمشروعية الفعل الجمعي.
لقد أنتج ذلك الفعل حالات التشظي العنيفة السائدة في المجتمعات العربية، وربط مصير الأمة جمعاء بأفكار الفحول ورؤاهم وسياساتهم ومعاييرهم الفحولية، وفي إمكاننا النظر إلى المنظومة الشاملة للفكر والسياسة والاجتماع في الأمة العربية، فالإنتاجية فردية قاصرة لا تمتلك مشروعاً إنسانياً وحضارياً يمكن أن يلتفت إليه الآخر أو يلفته، وإن بدت بعض الصور أو الملامح الإيجابية تعثرت أو تصادمت مع الأنا الفحل، أو الأخر الفحل في دائرة المنظومة ذاتها. يظهر هذا بوضوح في الخطاب الديني والأدبي والفكري والنقدي والسياسي لدى الشعوب العربية على مستوى النظرية والتطبيق.
إنه ناتجٌ سلوكي ومعرفي يتسم بالانفصام والإقصاء، كونه لا يعترف بالآخر ولا يتفاعل معه، ولعلني أستذكر موقفا ً يجسد هذه الصورة دون أدنى ريب، ذلك عندما كان الناقد العربي الكبير عز الدين إسماعيل يلقي محاضرة عن النظريات النقدية الغربية الحديثة في مركز البحوث والدراسات اليمني بصنعاء، بحضور الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح. وكانت رؤية الدكتور عز الدين تخدم فكرة غياب النظرية النقدية العربية.
إنها ثقافة فردانية إقصائية لا تقتصر على فكر الرجلين الحداثيين فحسب، بل هي سمة سلبية دامغة تتسرب بقوة في الوعي الجمعي العربي قديماً وحديثاً، وقد تناولها كثير من الباحثين بالنقد النظري، لكنهم عملياً يمارسونها ثقافةً وسلوكاً. فعلى سبيل المثال نجد المفكر والناقد العربي/ السعودي عبد الله الغذامي في كتابه "النقد الثقافي" ينتقد الفحولة وعنفوان تسلطها في الفكر العربي، لكنه في الكتاب ذاته يمارسها عملياً في أثناء قراءته ل (أدونيس) وبيان موقفه من الشعر العربي، وكذلك يفعل في كتابه الآخر "حكاية الحداثة في السعودية"، فمحتوى الكتاب في جوهره يتحدث عن حداثة الغذامي الفحل، لا حداثة السعودية الجغرافيا والزمان.
هذه المطارحة ليست إلا إثارة لما يعتمل في واقعنا العربي الحداثي، فثمة من يدعي الوصل بالحداثة، حين لا ينفع وصله، وثمة من يرفع سيفه في وجه كل حديث، وهو لا يعرف أنه كمن "يخصي نفسه من أجل أن يغيظ زوجته". إنها مفارقة عجيبة ساقت الأمة ردحاً من الزمن إلى الهامشية، دون أدنى محاولة جادة للبحث عن الجدة والإنتاجية الفاعلة، أو إعادة النظر في منظومة الأمة المعرفية والسياسية والاجتماعية على وفق معايير العلم وقوانينه وأدواته القادرة على تثوير الواقع والانتقال به إلى مرحلة تتسم بالإنتاجية والفاعلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.