ساعر: واشنطن لم تبلغ تل ابيب بوقف قصفها على اليمن    السياسي الأعلى: اليمن يتموضع بقوة في المنطقة ويواصل دعم غزة    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    هيئة الرئاسة تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية محليا وإقليميا    السودان.. اندلاع حريق ضخم إثر هجوم بطائرات مسيرة في ولاية النيل الأبيض    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    لماذا تظل عدن حقل تجارب في خدمة الكهرباء؟!    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    إتلاف 600 لغم وعبوة ناسفة من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    قالوا : رجاءً توقفوا !    ناطق الحكومة : اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لأحرار اليمن    الامارات تقود مصالحة سورية صهيونية    توقف الرحلات يكلف الملايين يوميا..انخفاضٌ بنسبة 43% في مطار اللد    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    باجل حرق..!    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحايدون رَكُوب للانقلابيين وخذلان للأوطان
نشر في يمن فويس يوم 13 - 06 - 2022

قبل أن تحكم أخي القارئ الكريم على هذا الأمر من خلال الوقوف عند العنوان استخدم عقلك وقلبك ومبادئك والشواهد التاريخية على هذه الحقيقة الناصعة، دون تعصب أو جهل أو عاطفة.
حينما تحيط المخاطر بالأوطان من حدب وصوب ينبغي أن يكون لأبنائه القول الفصل واتخاذ التدابير، واتخاذ الصفوف، والبحث عن الحقيقة، وفي أي الاتجاهات يجب أن تقف.
حينما يرص العدو صفوفه، ويجند الأتباع، ويحشد السلاح لإثارة الفتنة في الوطن، ويسفك الدماء، ويدعي الأحقية بالحكم، فإن الأوطان تدمر، والمصالح تنتهي، والأبناء يتشردون، والغوغاء تسود، والجهل ينتشر، والجريمة تستشري، والحريق يصل إلى كل بيت بطريقة أو بأخرى.
لقد أيد كثير من المواطنين والقوى السياسية الانقلاب الحوثي، وانخدعوا بالخطاب الزائف، والجرعة المفتعلة، والوعود الكاذبة، كما انخدع المحايدون بذلك، فاشتغل المحايدون تثبيطاً وتشكيكاً في صفوف المدافعين عن الوطن، فظن المواطنون أنهم بذلك التأييد والحياد ستصلح البلاد، ويسود الأمن، ويعم الرخاء، وتصل الخدمات إلى كل بيت، فكان العكس من ذلك؛ عمت الفوضى، وانتشر القتل، وتمادت الحرب، وكسدت التجارة، وعم الغلاء، وجاع الناس مؤيدون ومحايدون ومن لا ناقة لهم في الفتنة ولا جمل، وصدق الله بقوله: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، فعمت الفتن والابتلاءات من كل حدب وصوب، وارتفعت الأسعار، وانعدمت الخدمات، وصار التغيير في الجرعة من 4آلاف للجالون البنزين إلى 30 ألف ريال، ودفع المحايدون الثمن كما دفعه الآخرون. لم يأمن الناس في تجارة، ولا في سفر، وانحلت الأخلاق، وكشرت المجاعات بأنيابها.
المحايدون يكونون إلى الفتنة أقرب، وإلى العدو الغاشم الظالم أنصر، فبسكوتهم تعزز صف الانقلاب، وبسكونهم تعاظم المجرمون المتمردون وسادوا وأبادوا؛ لأنهم لم يجدوا معارضة.
بسكوت المحايدين خذل صف الوطن ووهنت قواه، وصاروا أبعد عن نصرة الحق وأهله حتى تجبر الباطل وحزبه. حينما نقرأ التاريخ نجد الكثير من العبر التي صورت لنا الحقيقة كما هي بالأفعال لا بالأماني والأقوال، وكثير من القصص التاريخية المشابهة لأحوالنا اليوم.
وأنا أقرأ قصة الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حينما أحاط به أصحاب الفتنة من الغوغاء والخوارج وحاصروه في منزله وقتلوه ظلماً وعدواناً اعتبر كثير من الصحابة أن تلك الحادثة فتنة وعليهم انعزالها، فكان المحايدون المعتزلون لتلك الفتنة أن أفسحوا الطريق لأصحاب الفتنة وقووا بذلك شوكتهم وخلوا سبيلهم بينهم وبين عثمان دون حماية حتى أُسلِم عثمان إلى القتل، فنهبت داره، واستبيحت المدينة، وعظمت الفتنة، وعاش المسلمون أياماً مروعة، أفضت تلك الفتنة إلى فتن بعدها، وكلما سكنت تمادت، قتل ما لا يقل عن مائة ألف من خيرة الأمة الإسلامية بينهم صحابة كبار في فتنة علي ومعاوية، والسبب الغوغاء والاضطرابات وعدم تقدير الأمور، وعدم رص الصفوف.
لقد كان في المدينة من بقية كبار الصحابة من يستطيع جمع الكلمة وحشد المقاتلين للدفاع عن خليفة المسلمين والدفاع عن المدينة من الغوغاء الذين لم يعرفوا آداب الإسلام ووقفوا في وجه جيل رباه النبي صلى الله عليه وسلم، واستخدموا حججاً واهية ضد عثمان، ظاهرها حقيقة وباطنها الفتنة والفوضى.
فحينما يستخدم الزهد في غير موضعه تكون عواقبه أنكى بحق الأوطان، ومن هذا الباب انتصر معاوية على علي وأخذ الخلافة منه، رضي الله عنهما؛ إذ تخاذل كثير من المسلمين عن نصرة عثمان بحجة اعتزال الفتنة والحياد، عرفوا أحاديث اعتزال الفتن حينها، وغابت عنهم أحاديث أخرى في نصرة الحق والمظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحماية راية الإسلام والخليفة والوطن. ففي الحديث عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" رواه الترمذي وحسنه.
وعن أبي بكر الصديق قال: "يا أيها الناس تقرءون هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله تعالى بعذاب منه} إسناد صحيح رواه جماعة منهم أبو داود والترمذي والنسائي.
فالزهد والاعتزال في مواضع القوة والنصرة خذلان وتقوية شوكة الباطل، قال سعد بن عبادة، وهو من دواهي العرب، وكان والي علي بن أبي طالب على مصر: "والله لئن قُدِّر لمعاوية أن يغلبنا، فلن يغلبنا بذكائه، بل بورعنا وتقوانا"! فقد كان يوم صفين مع علي بن أبي طالب، وكان يخطط بدهائه لهزيمة معاوية بالمكر والخديعة، فكان يجلس مع نفسه فيرسم الخدعة التي يُمكن أن يودي بمعاوية وبمن معه في يومٍ أو بعض يوم، بَيْدَ أنَّه يتفحَّص خدعته هذه التي تفتق عنها ذكاؤه فيجدها من المكر السيِّئ الخطر، ثم يذكر قول الله سبحانه: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}، ومن هنا قال مقولته: "والله لئن قُدِّر لمعاوية أن يغلبنا، فلن يغلبنا بذكائه، بل بورعنا وتقوانا"، وفعلاً هذا ما كان فقد هزمهم معاوية بالمكر والخديعة ولأنهم لم يستخدموا معه هذا المكر والخديعة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في إحدى معاركه: "الحرب خدعة"!
وقد كان ابن عباس يقول لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما: استخدم المكر والخديعة كما يفعل معاوية، فيأبى علي، فقال له ابن عباس: "لقد قال النبي: "الحرب خدعة"، قال ذلك مع الكفار!
فكانت أكبر خدعة استخدمها معاوية وعمرو بن العاص مسألة تحكيم القرآن، وكان صف معاوية على وشك الانهزام، فجاءه المخرج بالتحكيم الذي أودى بخلافته من ناحية لأسباب كثيرة، ثم أودى بحياته بأن تربص له الخوارج بسببها فقتلوه!
تستخدم الفئة المحايدة حاضنة شعبية للانقلاب، وتطبيع أوضاع يستنزف معه الانقلابيون كل خيراتهم وخيرات البلاد، ذلك أن الانقلابيين يظنون أنهم سادوا، وأن البلاد سلمت لهم، وأن الشعب راضٍ عن أفعاله، فيتمادى ويزداد طغياناً، ومنهم يجند إجبارياً ويقدمهم وقوداً للمعارك. إذا كنت قادراً على تمييز الحق من الباطل، وتستخدم الحياد تقية وإيثاراً للسلامة والهروب من تحمل المسؤولية فهو غش لنفسك ومجتمعك وبلادك ودينك وواجبك الوطني.
لقد كان المغول والصليبيون، وكل الدول الاستعمارية، يفرحون في بادئ الأمر أن المحايدين مفسحو الطريق للغزو والنصر وهزيمة المسلمين، ما يلبثون حين التسلط على الجميع حتى يقيموا المذابح والمجازر بحق المواطنين وتدفع الأوطان بهم أثماناً باهظة، ولو استنفروا كل بما يستطيع لكونوا الجيوش العتيدة التي تحمي ديارهم وتعز ذليلهم وتنصرهم على الباغين المعتدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.