في الفترة الأخيرة، أعلنت شركات عملاقة عن استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في مصانع جديدة لإنتاج الرقائق الإلكترونية، رغم هامش الربح المنخفض الذي تتميز به هذه الصناعة، مدفوعين بأزمة خانقة سببها نقص هذا المكون الهام. قد يكون من الحكمة أن تشتري غطاء ذا نوعية جيدة لهاتفك الذكي، لأنه إذا تعرض للكسر قد تضطر لدفع سعر أغلى لهاتف مماثل أو قد لا تجد واحداً حتى. وأيضاً قد تضطر للانتظار قليلاً قبل استبدال سيارتك أو جهاز التلفاز، وكل هذا يعود لأزمة الرقائق التي يمر بها العالم.
أزمة عالمية بدأت من مكون لا يتجاوز طوله مليمترات، ولا تتعدى تكلفته دولاراً واحداً، يسمى display driver المسؤول عن نقل التعليمات لتعكس على الشاشة.
لكن كيف لصناعة أشباه الموصلات التي لا تتجاوز قيمتها 450 مليار دولار، أن تعطل صناعات ضخمة مثل الأجهزة الإلكترونية وصناعة السيارات والطائرات والثلاجات وقريباً ربما الهواتف؟
بدأت القصة في فترات الإغلاق، عندما زاد الطلب على الإلكترونيات وتراجع بالمقابل الطلب على السيارات، ما بدل وجهة هذه الرقائق.
ومع انتشار اللقاحات والعودة التدريجية إلى الحياة والعمل عاد الطلب على السيارات، لكن لا توجد رقائق، وما زاد الطين بلة، إغلاق مصانع بسبب الطقس أو الحوادث وتعطل بعض السفن على إثر جنوح سفينة ever given في قناة السويس.
هناك نقص خاصة في رقائق driver ICs المستخدمة في صناعة السيارات التي تنتج على صفائح سيليكونية من فئة 8 إنشات، وقد تراجع الطلب عليها بحدة في 2020.
ولا يبني المصنعون خطوط إنتاج جديدة لهذه الفئة، لأنها تباع بأقل من دولار وهوامش الربح عليها ضيقة، ويفضلون إنتاج صفائح ال12 إنشاً المستخدمة في الأجهزة بهامش أرباح أفضل.
هذا النقص أيضاً انعكس في ارتفاع أسعار شاشات الكريستال السائل، إذ تضاعف سعر لوحة LCD مقاس 50 بوصة للتلفزيونات بين يناير 2020 ومارس من هذا العام.
وما يزيد من تفاقم الوضع نقص في الزجاج أيضاً، إذ أبلغ صانعو الزجاج الرئيسيون في اليابان عن وقوع حوادث في مواقع إنتاجهم، ومن المرجح أن يتراجع الإنتاج على الأقل خلال فصل الصيف هذا العام.