نقلت صحيفة الأولى التابعة لمطبخ النظام السابق أن وسائل إعلام إقليمية ودولية عديدة غطت مراسم دفن رفات مؤسس جماعة الحوثيين المسلحة حسين بدر الدين الحوثي بعد تسعة أعوام من قتله في معارك مع القوات الحكومية. واختارت وسائل الإعلام السعودية طرقا متعددة لتوصيف الفعالية والحشود الكبيرة التي حضرتها، ولمحت قناة "العربية" أكثر من مرة إلى أن "التشييع يتزامن مع ذكرى النكسة" التي حدثت للعرب مع هزيمة الجيش المصري عام 67 في ال5 من حزيران يونيو، وهو ربط بدا غير مفهوم. بحسب ما تناولته صحيفة الاولى اليوميه وشهد التشييع كثافة بشرية وصفت بأنها "غير مسبوقة" في أي تشييع مماثل في البلاد، وقدر معنيون عدد المشاركين بحوالي مليون ونصف مشارك، قدموا من محافظة صعدة ومن مختلف المحافظات اليمنية، بما فيها محافظات جنوبية، إضافة إلى مغتربين يمنيين قدموا من بلدان المهجر، وخصوصا المملكة العربية السعودية. وأدت الحشود البشرية الصلاة على الجثمان في منطقة "الطلح"، وأم المصلين عبدالملك الحوثي، قائد الجماعة، وشقيق الشهيد، والذي ألقى قبيل الصلاة كلمة مقتضبة شكر فيها وفود المشيعين، معتبرا مشاركتهم "دليلا على الوفاء وعلى تأييدهم لهذه المسيرة". و شارك عشرات الآلاف من اليمنيين الشيعة في مراسم الدفن لرفات مؤسس جماعة الحوثيين المسلحة حسين بدر الدين الحوثي وسلمت الحكومة اليمنية بقايا حسين الحوثي إلى عائلته في وقت سابق من العام الجاري كبادرة حسن نوايا وللتعبير عن الرغبة في المضي قدما في محادثات التصالح الوطنية الرامية إلى صياغة دستور جديد قبل انتخابات العام المقبل. إلى ذلك، أطلق السلفيون إلى جانب التجمع اليمني للإصلاح،مواقف مماثلة، حيث قال رئيس حزب الرشاد السلفي الدكتور محمد بن موسى العامري، في تصريح صحفي أمس، إن قيام الحزب الاشتراكي اليمني وأحزاب أخرى بتعزية أنصار الله بدفن رفات حسين الحوثي، يعد "تصرفات بعيدة عن العدل والواقع". وأضاف العامري: "إن هذه التصرفات بعيدة كل البعد عما يحدث وحدث بمحافظة صعدة"، مؤكداً أن "الشعب اليمني بأكمله سيدفع ضريبة هذه السلوكيات"، واعتبر الدكتور العامري "ما أقدم عليه الحزبان مجاملة غير مدروسة لجماعة الحوثي"، حسب تعبيره. وقُتل حسين الحوثي في ال10 من سبتمبر 2004، حين فتح جموع من الجنود النار عليه بعد إحراق كهف كان يتحصن فيه مع نسائه وأطفاله وعدد من مرافقيه، ونقلت القوات الحكومية جثته إلى صنعاء، واستعرضها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، داخل دار الرئاسة، قبل أن يأمر بدفن الجثة داخل السجن المركزي بصنعاء، طوال السنوات ال9 المنصرمة، قبل أن يأمر الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤخرا، بنبش القبر، والسماح لعائلته باستلام الجثة التي تم بعث عينات منها إلى مستشفيات في لبنان وألمانيا، حيث جرى هناك فحص الحمض النووي الذي أثبت هوية الجثة. وفيما اعتبر قياديون من "أنصار الله" ضخامة التشييع دليل "انتصار المظلوم في النهاية" و"تأكيدا على انتصار دعوة حسين بدر الدين الحوثي"؛ قرأ مراقبون محليون وإقليميون الحدث باعتباره رسالة سياسية قوية من قبل الجماعة تؤكد، عبرها، الشأن الجماهيري والتنظيمي الذي أصبحت عليه. وكان الإعداد للتشييع أثار جدالات في العاصمة صنعاء، بعضها سياسي وبعضها أخلاقي، وكان الموقف اللافت للتجمع اليمني للإصلاح، المنافس السياسي والمذهبي لتيار الحوثيين، محور أغلب هذا الجدل، حيث صعدت وسائل إعلام الإصلاح حملة شرسة ضد الحوثيين ومؤسس تيارهم الراحل، فيما قام نشطاء الإصلاح بنشر صور للقائد العسكري "جواس" الذي يقال إنه باشر قتل حسين الحوثي بمسدسه الشخصي، معتبرين أنه "بطل"، كما قاموا بنشر صور مشوهة لجثة بشرية قالوا إنها "جثة الصريع حسين الحوثي"، حسب تعبيرهم، بعد وفاته. و لم ترسل قيادات "الإصلاح" أية تعزية إلى عائلة الحوثي، وهاجم كتاب بارزون في التجمع التعزية التي بعثها الحزب الاشتراكي اليمني. و ان نال هذا الموقف للتجمع اليمني للإصلاح انتقادات لدى سياسيين وكتاب وناشطين، اعتبروا أن الموقف الإصلاحي يخلو من "الأخلاق"، ويتخذ شكل "الشماتة"، فيما اعتبر مراقبون أن الموقف يعكس حالة القلق الشديدة لدى قيادات الإصلاح تجاه استمرار تيار الحوثي في فك العزلة السياسية والاجتماعية المفروضة عليه منذ حرب صعدة، واستمراره تاليا في استقطاب المزيد من الجماهير إلى حركته. بحسب صحيفة الاولى وصدر موقف عالي السقف من توكل كرمان، الناشطة البارزة في الإصلاح، ينتقد موقف حزبها وتتساءل فيه عن سبب عدم مشاركة قيادات من الحزب في التشييع والعزاء، رغم أن الإصلاح كان له مواقف رافضة للحروب ال6 في صعدة، حسب قولها. وكتبت كرمان في صفحتها في "فيسبوك"، تقول: "الإصلاح لم يتورط في حروب صعدة ال6، فلماذا لا يذهب قادته للمشاركة في تشييع حسين بدر الدين الحوثي، لتأكيد رفضهم لحروب صعدة الظالمة، والتي أدانوها في كل أدبياتهم وبياناتهم الصادرة حينها؟ ولماذا يصر البعض من أعضائه على الدفاع عن تلك الحروب الظالمة وكأنهم طرف فيها..؟ من أجل المستقبل الكريم والعيش المشترك، فلنضخ في الأرجاء مقادير من المحبة والقبول لو سمحتم". وكان الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد أمر بدفن الحوثي في السجن المركزي بصنعاء كي لا يتحول القبر إلى مزار للشيعة من أتباع الطائفة الزيدية. الاولى