اللهجة التصالحية التي ابداها الشيخ يوسف القرضاوي رئيس هيئة كبار علماء المسلمين في بيانه الرسمي على موقعه في الفيسبوك او في ثنايا حديثه الى صحيفة “الشرق” القطرية، تؤكد ان العمل في تنفيذ بنود “وثيقة الرياض” الموقعة من قبل وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي قد بدأ، وان احتمالات تنفيذ البنود الاخرى ومن بينها وقف دعم دولة قطر لحركة الاخوان المسلمين، وعدم ايواء او تجنيس معارضين من دول الخليج بات كبيرا. صحيح ان الوثيقة لم تشر الى قطر بالاسم، وجاءت صياغتها عمومية، من حيث مخاطبتها دول الخليج جميعا في عدم ايواء المعارضين، ولكن القاصي والداني يعرف ان المقصود في الوثيقة وبنودها دولة قطر. الاعلام القطري الرسمي منه وغير الرسمي اكد ان دولة قطر لم تقدم اي تنازلات، وتحدث عن ايواء دول اخرى عربية خليجية مثل الامارات شخصيات عربية تتطاول على قطر ذكر منها السادة احمد شفيق رئيس وزراء مصر الاسبق، ومحمد دحلان مسؤول الامن الوقائي الفلسطيني الاسبق، ومحمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الاسبق ايضا، وجاء طرح هذه الاسماء في خطوة دفاعية استباقية، وربما جاءت بهدف التظلم بطريقة غير مباشرة والايحاء باستهداف قطر بالذات من قبل دول مجلس التعاون والمثلث السعودي الاماراتي البحريني على وجه الخصوص. كلام الاعلام القطري حول هؤلاء وعدائهم لقطر، وتطاول بعضهم عليها ينطوي على الكثير من الصحة، والشيء نفسه يقال بان استضافة الامارات لهم هو نوع من الايواء والرعاية، ولكن ربما يجادل البعض في الطرف الآخر بأن هؤلاء افراد لا يقودون او ينتمون لتنظيم في حجم ودولية وقوة الاخوان المسلمين، واذا كانوا يشكلون اي خطر فانه على دولهم، اي مصر وفلسطين (السلطة وحماس) وليبيا. لا شك ان قطر تعرضت لاستهداف من الدول الثلاث التي سحبت سفراءها من عاصمتها ومارست اقصى قدر من الضغوط ضدها، وهددت باغلاق الحدود والاجواء الجوية معها، ولكن احتواءها لحركة الاخوان المسلمين سياسيا واعلاميا وماليا، وتوظيف اذرعتها الاعلامية الضاربة ضد سلطة الانقلاب في مصر كادت ان تلحق ضررا كبيرا وحاسما في استراتيجية الدول الثلاث في دعمه وزعيمه المشير عبد الفتاح السيسي المرشح حاليا في انتخابات رئاسة الجمهورية المصرية الشهر المقبل. الشيخ يوسف القرضاوي لم يكن السبب الرئيسي للازمة بين قطر والدول الثلاث، ولكنه كان احد عناوينها الرئيسية من خلال خطبه القوية ضد نظام الانقلاب في مصر التي القاها من على منبر مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة، وبلغ السيل الزبى عندما تناول دولة الامارات بالاسم واتهمها بمعاداة الحكم الاسلامي ودعم نظام الانقلاب، وهذا كله صحيح، ولكن ان يصدر منه، وهو الذي ابعد من الامارات، ومن الدوحة التي تغرد خارج السرب الخليجي، والسعودي الامارتي بالذات، فهنا تكمن المشكلة. لا نعرف ما اذا كان الشيخ القرضاوي قد ادلى بتصريحاته التصالحية هذه بايعاز من دولة قطر التي قال انه يحب اميريها الوالد والابن، ام من عنرياته، ولكننا نعتقد بان ما قاله بأنه لا يعبر عن الموقف القطري في مواقفه وانه لن يغادر قطر التي عاش فيها 53 عاما وسيدفن في ارضها فيه الكثير من الصحة، ونحن نحكم هنا من الظاهر، والله وحده اعلم بالبواطن، اما ما نختلف فيه معه فقوله ان السعودية ودولة الامارات والبحرين تبادله الحب نفسه. خطر الشيخ القرضاوي على الدول الثلاث لم يكن من خلال وجوده في قطر وانما في خطبه الاسبوعية، ومواقفه السياسية، ومساندته للاخوان المسلمين والتحريض على الثورة واصدار فتاوى بقتل زعماء، واعلان الجهاد، ولذلك لا نعتقد ان هناك اعتراضا من الدول الثلاث على بقائه صامتا في الدوحة، واكماله بيقة حياته على ارضها، ومثلما كان توقفه عن الخطابه مؤشرا على رغبة في التهدئة فان بيانه التصالحي مع السعودية والامارات والبحرين، الذي يتضمن اعتذارا مبطنا، كثلما يتضمن رسالة ومؤشرا على ان عجلة تطبيق وثيقة الرياض بدأت في الدوران، مما يعني ان الازمة الخليجية في طريقها الى التسوية.