كان يوم 27 ابريل من عام 1994 المشئوم بالنسبة للشعب الجنوبي هو يوم مفصلي ومنعطف تاريخي خطير على مستقبلهم, فقد كان يوم علني وبشكل رسمي لبدء الحرب على شعب الجنوب حتى وانت تمت قبل هذا التاريخ (اي بعد الوحدة مباشرة) اغتيالات لقيادات جنوبية بارزه, لكن يوم 27 ابريل هو الاعلان الرسمي لبدء الحرب على نطاق واسع شملت بعد ذلك كل مناطق الجنوب. لقد كان اعلان الحرب في ذلك اليوم هو الرد الفعلي لخرق اتفاقية وثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها في الاردن من قبل الطرفان الجنوبي والشمالي برعاية المرحوم الملك حسين. وبما ان المؤامرة لقوى الشر في صنعاء كان مخطط لها ومدروس مسبقا منذ ما قبل اعلان الوحدة وكيف نفذ الجزء الاول لتلك المؤامرة بعد الوحدة مباشرة من خلال تأسيس حزب الاصلاح من قبل علي عبدالله صالح بالاتفاق مع عبدالله حسين الاحمر والذي كان الهدف من وراءه الانقلاب والالتفاف على مواثيق واتفاقيات الوحدة كما جاء في مذكرات عبدالله حسين الاحمر, كان على هذا المخطط ان يسير كما رسم له وبغض النظر عن اي التزام لأي اتفاقية او معاهدة .
ففي 27 ابريل 1994 اعلن الحرب رسميا على الجنوب من ميدان السبعين عبر الخطاب المشهور لصالح وبموجب اوامره في ذلك اليوم مع حلفاءه الاشرار في صنعاء بدأت قواتهم ضرب الألوية الجنوبية المحاصرة اصلا (بعد ان استطاعوا بعد الوحدة مباشره على تشتيت الالوية الجنوبية ذات الفعالية القتالية العالية وتوزيعها ومحاصرتها في مناطق شمالية في عمران وذمار) وبعد ان تم تدمير تلك الالوية عتادا وافرادا واصلت تلك القوى حربها الواسعة على الجنوب, هذه كانت هي المراحل الاولى من شن حملة عسكرية واسعه ومدروسة وممنهجة من قبل تلك القوى التي كانت تحلم منذ عشرات السنين ان تضع قدميها على ارض الجنوب والتي ارادت من تلك الحرب الظالمة ليس فقط لاحتلال الجنوب والاستيلاء والنهب لثرواته, بل نسف وجود شعب بأكمله عن سطح الأرض ومن ثم طمس هويته وتاريخه, ولولا صراعات الماضي الجنوبي لما استطاعت تلك القوى ان تنتصر وتستبيح الجنوب ارضا وانسانا. لقد استخدمت في هذه الحرب من قبل الشمال جميع انواع الأسلحة ضد شعبنا الاعزل ضاربة بالمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن عرض الحائط وهدمت البيوت على ساكنيها من الاطفال والنساء والشيوخ الابرياء دون اي مراعاة للجوانب الإنسانية.. لقد تكالبت تلك القوى في صنعاء من مشائخ القتل وشيوخ الفتاوي السياسية وعساكر القبيلة والاجرام والعائدين من العرب الافغان الارهابيين وحتى شعب الشمال بعد تثويره وتحريضه ضد شعب الجنوب باسم الوحدة او الموت, كل هؤلاء كانوا ولا زالوا ينظرون الى الجنوب ارضا فقط ,غنيمة وفيد ومصدر رزق ولا يبالون لشعبه ومعاناته بسبب كل ما حصل له من تلك الوحدة المشؤمة, بل اصبح شعب الجنوب في نظر هؤلاء كفارا وملحدين.. لا زالت تلك القوى المحتلة للجنوب تردد ذلك الشعار الحفاظ على الوحدة التي لا وجود لها في عقول ووجدان شعب الجنوب وما هو على الواقع احتلال مكتمل الجوانب, هذا الشعار هو الهدف منه فقط تثوير شعب الجمهورية العربية اليمنية مجددا من اجل قتالهم لشعب الجنوب والحفاظ على مصالح تلك القوى المتنفذة في صنعاء, اما محترفو القتل والإبادة ليسوا بحاجة لذريعة يتذرعون بها لمواصلة وممارسة جرائمهم بحق الجنوب وابناءه منذ اليوم الاسود في حياتهم 22 مايو 1990, لكن الاحتلال هو في نهاية المطاف احتلال ونتوقع منه كل شيء خاصة عندما يكون احتلال قبلي متخلف, لكن المخزي والعار هو مشاركة بعض الجنوبيين ذو اصحاب النفوس الدنيئة الذين باعوا ضمائرهم للشيطان على حساب كرامتهم وكرامة شعبهم ووطنهم ومشاركتهم المحتل جرائمه عسكريا وامنيا وسياسيا واقتصاديا, ورغم وضوح مستوى مشاركة هؤلاء الجنوبيين الاحتلال جرائمه وشرعنته من قبلهم .
وبالرغم من القتل والابادة لشعب الجنوب ,لا زالوا للأسف يواصلون عنادهم المعتاد ولم يبدوا اي رغبة او اي استعدادا للمراجعة والتوبة, ولم يتيحوا لأنفسهم خط رجعة يحفظوا به قد ما تبقى من ماء الوجه اذا باقي قليل لديهم, تحسبا لتداعيات غليان الشعب ضدهم.. كما يحز في نفوسنا تضحيات شعبنا العظيم من اجل الخلاص من هذا الاحتلال, لكن في المقابل سيظل يدفع هذا الشعب ضريبة الدم اضعاف دفاعا عن امة سلمت مستقبل ومصير الوطن وابناءه الى قيادات غبية وانانية وعاجزة عن تحرير نفسها قبل ان تفكر في تحرير وطن, تلك القيادات التي لا زالت تسبح في واقع قد تجاوزه كل العالم ولا زالت مشبعة بثقافة الماضي الأليم الذي كان سبب ما يعانيه شعبنا منذ ما يقارب خمسون عاما, وللأسف استغلال حماس الجماهير وصمودها من قبل تلك القيادات الفاشلة لمصالحها والاسترزاق على حساب تضحيات هذا الشعب .