لا شك ان مرحلة صعبة قد مرت اثناء الانتخابات الرئاسية بالجزائر، و صعوبتها لم تكن في قوة المنافسين مع خالص احترامنا لهم، و لكن بحكم الاحداث و المتغيرات على الساحة المحيطة للجزائر سواء بالإقليم او في العالم كله، و التحديات التي تواجه الجيش الجزائري من عبر الحدود، بعد معارك كثيرة خاضها الجيش ضد جماعات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، و المواجهات الحالية بولاية بومرداس، بجانب ما حدث بعد عواصف الربيع المزعوم، و اصابة جماعة الاخوان المسلمون بحالة صرع على كرسي السلطة في كل دولة بالشرق الاوسط . و بعد فوز الرئيس " عبد العزيز بوتفليقة " بولاية رابعة، بات الجميع من القوى السياسية يجلس في موضع التربص وينتظر ماذا سيفعل الرئيس و رجاله و على رأسهم الوزير الاول و مدير حملته " عبد المالك سلال " و الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني " عمار سعداني "
بداية الرئيس " عبد العزيز بوتفليقة " و الادارة الحالية اتخذت خطوة جيدة و هامة للتقارب مع باقي القوى السياسية، و محاولة رأب الصدع الذى حدث اثناء فترة الانتخابات بعد عودة السيد " احمد اويحي " لمنصبة الذى تولاه عامي 1994م و 1995م، كمدير لديوان الرئاسة و الذى تم تكليفه الان على الاشراف على المشاورات السياسية التي ستبدأ من الشهر القادم مع كافة القوى و التنظيمات السياسية و منظمات المجتمع المدني و الشخصيات الوطنية .
ثم جاءت الخطوة التالية من الرئيس " بوتفليقة " بتنفيذ وعده بخصوص تعديل الدستور الذي قامت بالإشراف عليه لجنة الخبراء برئاسة الدكتور " عزوز كردون " بعد تنصيبه في أبريل من العام الماضي، و من المتوقع في مسودة الدستور الجديد ان يكون تم الاستحداث في مقترح تعيين منصب رئيس الحكومة من الحزب ذو الاغلبية البرلمانية، و ستتلقى جميع الاحزاب و القوى السياسية و الشخصيات الوطنية و منظمات المجتمع المدني نسخة من تلك المسودة لكى يتم مناقشة اقتراحاتهم في منتصف شهر مايو الجاري، و بذلك يكون قد قطع الرئيس " عبد العزيز بوتفليقة " الفرصة على المتربصين له .
و اذا كانت الإدارة الجزائرية الحالية تتخذ خطوات جدية نحو التقارب و التفاهم بين جميع القوى السياسية بالداخل، فكذلك بدئت الجزائر على الصعيد الخارجي و المستوى الدولي في بناء جسور سياسية و اقتصادية متينة و بالتحديد مع الدب الروسي، و هو ما تم تأكيده من خلال لقاء الرئيس " عبد العزيز بوتفليقة " مع " فالانتينا ماتفيينكو "رئيسة المجلس الفيدرالي للجمعية الفيدرالية الروسية ( الغرفة العليا للبرلمان الروسي )
و لو سلطنا لضوء اكثر و نظرنا بعمق على الوضع السياسي الحالي بالجزائر فسنجد كم المتربصون بالرئيس " بوتفليقة " كثيرا جدا، و قد لا تنشغل تلك القوى بتقديم حلول بديلة عند مواجهة الدولة للأزمات بقدر استغلال أي اخفاق للشماتة و التشفي، ثم تطبيق النظرية التي يتبعها اغلب القوى المعارضة بالوطن العربي ان لم يكن جميعها وهي نظرية " خلقت لكى اعترض "، و تجلى ذلك مع طرح أسم " نورية بن غبريط رمعون " لتولى مهام وزارة التربية بالجزائر، و بمجرد طرح ذلك الاسم فقط لم تتأخر حركة " النهضة الجزائرية " ذو التوجه الإسلامي في اصدار بيان يندد بذلك الاختيار ثم تلاه تنديد من حركة " الصحوة الحرة " السلفية، حتى بدئت أن اشعر انى اقراء و اسمع خطابات التنديد بالعدوان الاسرائيلي على فلسطين واستشعرت للحظات و كأن الجزائر وقعت تحت الاحتلال الفرنسي مرة اخرى من كثرة البيانات الصادرة و التصريحات النارية التي وصلت الى حد التوعد للرئيس " عبد العزيز بوتفليقة " نفسه .
حقيقة الامر الولاية الرابعة في تحدى صعب سواء على المستوى الأمني والسياسي، و يحتم الامر على الجميع التكاتف و انكار الذات، من اجل الحفاظ على امن و استقرار الجزائر .