كتب/ أحمد كامل البحيري بدأ سباق الانتخابات الرئاسة المصرية مع فتح باب تصويت المصريين بالخارج من الخميس 15 مايو للأحد 18 مايو 2014 لمدة أربعة أيام من خلال 141 مقر ولجنة انتخابية بمقرات البعثة المصرية بالخارج في 124 دولة ويستمر التصويت من الساعة التاسعة صباحاً وحتي التاسعة مساءً حسب التوقيت المحلي لتلك الدول، وتراقب منظمات دولية مثل جامعة الدول العربية سير العملية الانتخابية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا ولبنان والأردن. وسط حالة من الترقب لما ستشير له اتجاهات تصويت المغتربين من حيث نسب المشاركة وانعكاساتها علي المشهد التالي في الداخل من جهة، والنتيجة النهائية ونسبة التأييد للمرشح الفائز من جهة أخري. وقد بدأ السماح للمصريين في الخارج بالتصويت بعد ثورة 25يناير منذ نوفمبر 2011 بعد صدرو حكم قضائي من محكمة القضاء الإداري يلزم الحكومة بتمكين المصريين بالخارج من التصويت ما ترتب عليه إصدار إعلانًا دستوريًا في 19 نوفمبر 2011، ينص على قيام السفراء والقنصليات بالإشراف على الانتخابات في الخارج.وقد حرص كلا من المرشحين الرئاسيين علي دعوة المصريين بالخارج إلي المشاركة في الانتخابات، لتضفي نسب المشاركة العالية مزيداً من الشرعية علي الرئيس المنتخب. كما يمكن القول أن التسهيلات التي تم توفيرها ساهمت في زيادة أعداد المصوتين لمواجهة عقبات مثل منع التصويت بالبريد الذي أثر علي مشاركة المصريين بالخارج في استفتاء 2014 علي الدستور.
نسبة مشاركة عالية:
تشير الأرقام إلي كثافة تصويت المصريين في الخارج مقارنة بالأرقام التي جاءت في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، حيث جاءت أعداد المصوتين في أول وثاني أيام فتح باب الانتخاب في بعض الدول ما يعادل ضعفي التصويت يومي الرابع عشر والخامس عشر من يناير يومي الاستفتاء علي دستور 2014 ، وما يتراوح مابين ثلاثة وأربعة أضعاف في بعض الدول الأخري. وتتركز الكتلة التصويتية الأكبر من المصوتين بالخارج في دول الخليج بما يتراوح نسبته بين 70% و 83% من المصريين المصوتين بالخارج، وتأتي السعودية والكويت علي قمة تلك الدول وفقاً للأرقام الرسمية التي أقرتها وزارة الخارجية في انتخابات الرئاسة عام 2012. الجدير بالذكر أنه لا تتوفر أرقام رسمية دقيقة عن إجمالي عدد المصريين بالخارج، لأسباب ترجع إلي عدم تسجيل الوافدين بالدول الأجنبية بمقرات السفارات المصرية حيث بلغ عدد المسجلين 600 ألف فقط ، بينما تشير الأرقام الرسمية لوجود ما يقرب من 2.7 مليون مصري، والتقديرات غير الرسمية لوجود 8 مليون مصري تقريباً بالخارج من مختلف الأعمار، 1.9 مليون منهم بدول عربية .وتشكل الجالية المصرية بالسعودية الجالية المصرية الأكبر بالدول العربية ، بينما توجد الجالية المصرية الأكبر في أوروبا بإيطاليا.وقد كانت هناك بعض التوقعات بإحجام المصريين بالخارج عن التصويت، ولكن جاءت اتجاهات المشاركة عالية و الطوابير الانتخابية ممتدة رغم وجود مشكلة بُعد المسافات عن مقرات البعثات المصرية و ظروف الطقس والحرارة العالية بالدول العربية . وقد علق الوزير نبيل فهمي وزير الخارجية أن: "هذه المشاركة الكثيفة وغير المعتادة من قبل المصريين بالخارج في الاستحقاق الرئاسي المهم تعكس عزم شعب مصر وتصميمه على بناء مستقبله ونظامه الديمقراطي العصري" وكان وزير الخارجية نبيل فهمي قد أدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية أثناء رحلته الخارجية بسلوفاكيا.
شهدت الكويت أعلي أعداد للمصوتين بين الجاليات المصرية ، بمتوسط 15 ألف مصوتاً في اليوم، تلتها السعودية حيث شهدت كثافة عالية رغم اتساع نطاقها الجغرافي بمقرين انتخابيين بالسفارة في الرياض والقنصلية المصرية في جدة . وقد كانت هناك توقعات بانخفاض نسبة المشاركة من المصريين المقيمين بالسعودية حيث أنهم كانوا الجالية التي صوتت بأكبر نسبة لصالح الرئيس محمد مرسي بين المصريين بالخارج الذين صوتوا في انتخابات الرئاسة في 2012.
عملية انتخابية هادئة:
وبرغم التخوف من تظاهرات الإخوان المسلمين لوقف سير الانتخابات، فقد جاء تأمين مقرات السفارات جيدا وخرجت الانتخابات بصورة هادئة دون أعمال عنف، حيث تقدم راغبو التظاهر بطلبات من الجهات المسؤولة بالدول الأجنبية لتنظيم الوقفات الاحتجاجية وسُمح لهم بذلك بعيداً عن مقرات السفارات المصرية. ونظم بعض المؤيدون للفريق السيسي وقفات مؤيدة له أمام السفارات. وأكدت وزارة الخارجية المصرية أنه لا وجود لانتهاكات ممنهجة بالانتخابات الرئاسية بالخارج بعد شكاوي جاءت من حملة المرشح حمدين صباحي، كما أكدت اللجنة العليا للانتخابات أن فترة الصمت الانتخابي تتعلق بالداخل فقط، وعلي التزام البعثات المصرية بالخارج بشكل كامل بكل ضوابط اللجنة العليا للانتخابات وبالحياد تجاه المرشحين.
وحرصت اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الخارجية المصرية علي تيسير العملية الانتخابية، حيث جاءت أيام التصويت ممتدة لأربعة أيام ، ووافقت أيام عطلة نهاية الأسبوع سواء بالدول العربية و البلدان الأخري كما امتدت ساعات التصويت للعاشرة والنصف مساءً. وقد تم السماح للمصريين من المقيمين أو الزائرين بالتصويت دون الحاجة إلي التسجيل المسبق بمقر البعثات المصرية والاكتفاء بحملهم بطاقات رقم قومي أو جواز سفر ساريين من خلال نظام الكتروني يرفع الاسم من الكشوف الانتخابية بعد التصويت بالخارج، كما لم يشترط التصويت بالبعثة محل إقامة المغترب، بل سمح بالتصويت في أي بعثة في الخارج يتصادف وجوده بها، وتم إرسال 180 جهاز "قارئ إلكتروني" لاستخدامها في التصويت لأول مرة لمزيد من التيسير. ساهم بعض المصريين في الخارج في توفير أوتوبيسات للنقل الجماعي في الدول التي تكون فيها مقرات البعثة المصرية بعيدة عن أماكن تجمع المصريين ، ولا سيما في الدول ذات النطاق الجغرافي الواسع ما يمثل عبئاً عليهم من حيث التكلفة المادية والوقت ما يعيق المشاركة. وبشكل عام كانت المشاكل محدودة كمشكلة بُعد المسافات عن مقار البعثات المصرية في دول أوروبا الغربية والولاياتالمتحدة خاصة وكندا والصين، وغلق باب الاقتراع ومنع تصويت بعض الناخبين مع انتهاء الساعات المحددة، كذلك عدم وجود أسماء بعض الناخبين بالكشوف الانتخابية نتيجة عدم تقييدهم بالقنصليات المصرية رغم فتح باب التقييد بها بمارس 2014 وكذلك لعدم وجود عناوين مسجلة للناخبين بجمهورية مصر العربية أو عدم حيازتهم بطاقات رقم قومي سارية أو جوازات السفر ما لا يمكنهم من التصويت. من ناحية أخرى، امتلأت صناديق الاقتراع الشفافة في بعض البعثات كلندن وتم إرسال ثلاثة صناديق شفافة إضافية لها. وفي النهاية يمكن القول أن التسهيلات التي تم توفيرها ساهمت في زيادة أعداد المصوتين لمواجهة عقبات مثل منع التصويت بالبريد الذي أثر علي مشاركة المصريين بالخارج في استفتاء 2014 علي الدستور. عن/المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية