قبل شهور طويلة رأيت في إحدى مواقع الإنترنت صورة لأحد شوارع عدن أيام الاحتلال البريطاني وفيه كتابات على احد الجدران بالعربي والانجليزي تقول لا حرية بدون دم , فلما رأيت الصورة سألت جدي عنها وقال لي إن شوارع عدن كانت كلها كتابات في الجدران ضد الاحتلال وكانوا كل الناس يراؤون ما يكتب ويتفاعلون معه ,, وتروي احدى طالبات كليه التربية بعدن وتقول ( وأنا راجعه من كلية التربية شفت في جدار بجانب الكلية مكتوب فيه الجنوب العربي و كل من في الباص يتكلموا على ما كتب على الجدار يعني مجرد شخبطة صغيرة اثارت قضية وجدل بين الطالبات في الباص وحتى سائق الباص شاركهم بالحديث , معروف ان تهيئة الناس واثارتهم ولفت انتباههم يأتي من فرصة وفرصة وارى اليوم انه لابد ان نعيد هذه الكتابات الى الشوارع تخيلوا كل شخص شخبط في اقرب جدار لمنزله او كل واحد شخبط بجدار الحي الثاني تخيلوا بس)
كلام جميل وسليم وصحيح من طالبه بعمر الزهور ابت الجلوس فالظل وقررت المشاركة ولو بفكره ويجب الاخذ بها وليس الموافقة وتمرير الحاصل هذه الشخبطة جزء من حرب النضال ,,
بجد يا عالم الشخبطة في الجدران ممكن ان تجنن الحكومة , هذه الشخبطة قد تكون اكبر من عمل اي صحيفة او قناة فضائية,,,,,
نفسي افهم لما لا نستغل هذا العمل؟؟
انا شخصيا عندما ارى عبارة على جدار او بسفح جبل مثل الكتابات التي تدعو الى النضال وتؤكد النصر للمظلومين والثبات على الحق اشعر انها اقوى من اي صحيفة او انترنت او حتى هتافات مهرجانية لانها تظل فترة اطول واي محاولة لمحوها تسترعي الانتباه وتبين ضحالة الماحي وهو يتابع الكتابة من جدار الى جدار,, وقد راينا هذا واضحا جليا في الجدار القصير الخاص بالحكومة والذي يطل على شارع بمديرية المعلا بعدن . حيث يتم طلاء هذا الجدار كل يوم سبت وذلك بعد مرور مسيرة للحراك الجنوبي ظهر كل جمعة يقوم فيها نشطاء جنوبيون بكتابة شعارات مناوئة للحكومة اليمنية . الصحيفة تنتهي بعد قراتها ,,, او يتم ايقاف نشرها مثل ما حصل لبعض الصحف والكتابة على الانترنت تتيسر لقلة من الناس وتحتاج الى بحث ناهيك عن انقطاع الكهرباء المستمر والهتاف بالمهرجان ينتهي بانتهاء ال1فعالية لكن شخبطه الجدران تشعر النفس بثباتها وقوة ارتباطها بالأرض وكما يقال( كالنقش على الحجر) وصفا لثباتها وصعوبة مسحها او نسيانها ,, شخبطه الجدران سهل رؤيتها وترتبط بحركة الناس فقد يراها الانسان وهو في طريقه او مستقل المواصلات وتعطيه فرصة للتأمل فيما رآه ويمكن ان تخلق حالة حوار,, وسيتكرر الموقف في كل مكان يرى فيه كتابه , باختصار هي زاد يومي تعبر عن مكنونات النفس وتثير الاحتلال كثيرا , واعتقد ان فن اختيار العبارات له تأثير كبير في جعل العبارة لا تنسى وتردد في كل زمان ومكان و سيكون له وقع اقوى من العبارات العشوائية التي تؤدي الى اختلاف بين كبير المتحاورين ,,وكلنا لم ننسى عبارات اجدادنا الشهيرة ( برع برع يا استعمار )
اتمنى ان ارى كتابات أخلاقية تهز اعماق الجنوبيين وتزلزل معنويات الحكومة المحتلة ,,, (للباطل جوله وللحق جوالات)
نعم «جدران» منهكة تختلط فيها الألوان والكلمات والرسومات والشخبطات، «سبورات» عامة مكشوفة يدون عليها المارون أفكارهم، ونزواتهم.. وهي فوق هذا وذاك «مذكرات» شاهدة على تناقضاتنا..