الحروب والهزائم تترك في العادة دمارا كبيرا تشمل الحجر والأرض والبشر ، ولعل اسواء انواع الدمار هو ذلك الدمار الذي يصيب النفوس ، والاخلاق والقيم وناموس الحياه الاجتماعي السائد لتنشئ بالنتيجة قيم وعادات غريبه وشاذه تصيب بعض المحسوبين بأنهم بشرا مع ان سلوكهم لا ينم عن الأدمية ولا يرتقي الى سلوك البشر مطلقا ، كما حصل مع الطفلة البريئة شيما في مدينه كريتر من جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان وتدينها كافة الأديان السماوية والقوانين الوضعية التي تحكم سلوك البشر الأسوياء ، هذه الجريمة التي اهتزت لها مشاعر الناس ووجدان السكان في ارجاء عدنالمدينة التي لم تكن تعرف مثل هذه الجرائم القذرة الا بعد ان حلت الهزيمة ضيفه فيها منذ حرب 1994 اللعينة . قد لا تكون هذه الجريمة هي الاولى من نوعها فهناك جرائم مشابهه كثيره ارتكبت من قبل مثل هؤلاء الشواذ، وما زالت ترتكب تحت تأثير المخدرات الدخيلة على شباب وسكان المدينة ، ولكنها ربما الجريمة الاولى التي تحظى بتعاطف شعبي واسع ، وبموقف استنكار وادانه إنساني وجماهيري ملحوظ لسكان عدن الأنقياء لتصبح قضيه راي عام تستوجب استنفار كل الفعاليات الاجتماعية ليس للأخذ بحق الطفلة البريئة الضحية فقط ، ولكن من اجل وضع الموانع اللازمة والتدابير الكفيلة للحد من انتشار هذا النوع وغيرها من الجرائم ومسبباتها، ومن الظواهر المهددة لحياة الناس وأمنها وسلامتها وشرفها وكرامتها وصون أعراضها من هذا السلوك المخيف القادم تحت عبأه الكيف . حيث بات السكوت عنها يعد مؤشرا لإباحة مثل هذه الجرائم المستنكرة والمرفوضة والمهددة لسكينه الناس الآمنين ومصدرا لقلق الجميع بلا استثناء فاليوم هنا وغدا هناك في حال السكوت ، خصوصا مع انتشار حاله الانفلات الأمني بسبب الاوضاع السياسية الغير مستقرة التي تشهدها البلد ، وفوق هذا وذاك الانهيار القيمي والأخلاقي الذي أصاب نفوس الكثيرين خلال الأعوام المنصرمة. ويقال (ان من أعظم النتائج المأساوية التي تتعرض لها البلدان المحتلة هي تكون مجتمعات ضعيفة وهشة تنحل فيها البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فالاحتلال يكرس احتلاله بإيجاد هذه الظواهر الهدامة ثم يعمل على تعزيزها والعمل على ترسيخها وصولا إلى تدمير كل ما تبقى من إمكانات المجتمعات المستهدفة وانتهاءً بالضربة القاصمة التي يوجهها لمجتمع البلد المحتل والمتمثلة في تدمير وتمزيق الهوية الوطنية بالكامل والتي هي بداية الانهيار الشامل للمنظومة القيمية للمجتمع). الشيء المؤكد ان هذه الجريمة باتت ترمز كمؤشر قوي الى الخطر الداهم الذي اصبح يعيش معنا وبين ظهرانينا في مدينه عدن الأمنه لأنها المدينة الرئيسة التي تعرضت بصوره خاصه لأشد انواع الدمار المادي والمعنوي بكونها عاصمه الجنوب الامر الذي لم تشهده اي مدينه اخرى ، وهذا الخطر القادم من اعماق الهزيمة والدمار الممنهج ، يصبح تحدي شاق وصعب ، ويعني كل سكان المدينة والجنوب عموما بلا استثناء لأنه خطر لا عنوان له ولا هويه ولكنه خطر سيصيب الجميع، ويحمل في طياته بوادر ومؤشرات الفوضى كخطر اشد ضررا سيصيب الجميع بمقتل ، وهو ما يستوجب حشد كافه الجهود لمواجهته عبر تأسيس هيئات حمايه اجتماعيه محليه في مدينه عدن ومديرياتها وكافه مناطق الجنوب لحين تقوم مؤسسات الدولة بوظائفها الأساسية تجاه المجتمع . العمارة يمكن اعاده بناءها حين تدمر لكن حين تنهار الأخلاق والقيم وتصيب اي امه فعندها اقراء على هذه آلامه السلام ( وانما الامم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) . - والمحزن ايضا ان يصاب بهذا الانهيار حد الانحطاط والبؤس الفكري بعض المحسوبين على الفكر والكلمة ، الذين لا يتورعون في توظيف الكلمة باتجاه القذف والتحقير للآخرين مع ان الكلمة مسؤوليه وكما يقال في الأمثال اليافعية الكلام ( مثمن) وكل معروف بشملته . ختاما يقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه : وكُلُّ جراحةٍ فلها دواءٌ … وسوءُ الخلقِ ليسَ له دواءُ وليس بدائمٍ أبداً نعيمٌ … كذاكَ البؤسُ ليس له بقاءُ -