ماذا عسى المملكة العربية السعودية فاعلة لوقف الأخطار المحدقة بأمنها الوطني القادمة من الجار اليمني الذي يشهد من يوم إلى آخر انهيارا لدولة باتت عاجزة عن صد المقاتلين المتطرفين السنة ممثلين بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والشيعة ممثلين بجماعة الحوثي الذين يوشكون على إسقاط العاصمة صنعاء بعد أن اكملوا سيطرتهم على محافظة عمران القريبة؟ ويطرح السؤال نفسه بعد كل ما اشيع عن استعداد الرياض لدعم الحكومة اليمنية بكل السبل الممكنة حتى تستعيد قدراتها على بسط الأمن وفرض القانون على الجميع.الرئيس اليمني يعود من الرياض بتعهد من الملك عبدالله بتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لبلاده وبصورة عاجلة، فماذا عسى المملكة فاعلة؟ وأعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عقب عودته من زيارة قصيرة الى المملكة العربية السعودية ليلة الأربعاء/الخميس ان "خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجه بمساعدة ودعم اليمن على مختلف المستويات وبصورة عاجلة من أجل تجاوز الظروف الصعبة والحساسة التي يمر بها". وأعرب الرئيس اليمني عن "شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على ما ابداه من اهتمام وتفهم كبيرين حول الظروف الاستثنائية التي يمر بها اليمن، وتوجيهاته الكريمة بتقديم كل اشكال الدعم والمساعدة بصورة عاجلة". ولم يكشف عبدربه منصور عن طبيعة المساعدة التي طلبها من السعودية والتي وعد الملك عبدالله بالاستجابة لها، لكنه أكد على أن "هذا الموقف وفي هذا الظرف ذو اهمية بالغة بكل الأبعاد والمعاني..". وقالت مصادر مطلعة في الرياض إن السعودية أصبحت تفكر جديا في تقديم دعم عسكري للجيش اليمني لم يتقرر بعد ما إذا كان تدخلا مباشرا أو إعادة تسليح له وهو الجيش الذي فشل بما يملكه من عتاد، في مواجهة الحوثيين المسلحين جيدا والمدعومين من ايران، كما تقول صنعاء. كما فشل أيما فشل في مواجهة توسع انتشار تنظيم القاعدة في الجنوب. وأصبح اليمن يشكل معضلة أمنية حقيقية للسعودية، في وقت يتقوى فيه اثنين من اشد التنظيمات عداء لها وهما تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي الشيعية الحليفة لإيران، يضاف إلى كل ذلك علاقتها المتوترة مع جماعة "الإخوان مسلمون" ممثلة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، وذلك في سياق توتر العلاقة بين السعودية والتنظيم الأم للإخوان في مصر. وأشار الرئيس اليمني الى ان اجتماعاته مع القيادة السعودية "بحثت العديد من القضايا الثنائية والاقليمية والدولية وبصفة خاصة مستجدات الاوضاع في اليمن، لاسيما ما يتعلق بالمواجهات المسلحة في محافظة عمران وعدم التزام جماعة الحوثيين بالتهدئة ووقف إطلاق النار، الى جانب ما يعانيه اليمن من ازمات امنية واقتصادية وسياسية". وقتل الحوثيون الاربعاء قائد اللواء 310 في الجيش اليمني الذي كان يحاربهم منذ اشهر. وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام ان "العميد القشيبي قتل مع مجموعة من الجنود معه اثناء القتال في مقر اللواء 310 في عمران ليل الثلاثاء". وقالت صحيفة عكاظ المقربة من السلطات السعودية في تعليق سياسي لها على ما يجري في اليمن، وهو تعليق يبدو انه يعبر عن الموقف الرسمي للمملكة "إن ما يتهدد أمن وسلامة اليمن يتهدد أمننا وسلامتنا وهو ما لا يمكن أن نسمح به سواء جاء هذا التهديد من داخل اليمن أو من خارجه". ويكشف موقف عكاظ عن أن السعودية باتت تقدر أنه لا بد من التدخل بشكل حاسم لوقف انهيار الجيش والأمن اليمنيين لأن ذلك يعني أن الرياض قد تجد نفسها في أية لحظة محاصرة بخطر إرهاب يتربص بها على حدودها الشرقية مع اليمن إضافة إلى ما هو معلن من تهديدات على حدودها الغربية مع العراق وهي تهديدات مضاعفة ايضا، مصدرها المليشيات الشيعة والتنظيمات السنية المتشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية. وشددت عكاظ على أن الدولة اليمنية تواجه "عدوان القاعدة اليومي على مجمل أراضيها ولا سيما في الناحية الجنوبية حيث تستوطن أكثر، وتتحرك بصورة أوسع. كما تواجه جماعات الحوثيين الذين يعملون على تقويض الدولة، والاستيلاء على سدة الحكم على مرأى من الأممالمتحدة والمجتمع الدولي وبدعم مباشر وغير مستتر من قوى وأطراف إقليمية تتصدرها إيران.. وقوى خارجية يجري التأكد منها ومن حقيقة الأدوار التي تلعبها لإسقاط اليمن وهدمه". وقالت الصحيفة السعودية إن زيارة الرئيس عبدربه منصور للسعودية ولقاءه العاجل بالملك عبدالله "بمثابة وقفة لقراءة ما يحدث هناك وما قد يحدث أيضا في المستقبل.. تعزيزا للتعاون وللعمل المشترك لدرء الخطر عن اليمن والدفاع عن الشعب اليمني الذي يدفع ثمن طموحات أعدائه في بلاده.. وتعريض سلامتها لمصير مجهول". وأضافت الصحيفة كما كانت المملكة باستمرار مع اليمن وشعبه فإنها "لم ولن تتردد في تقديم كل ما تستطيع للبلد الشقيق تلبية لما عرضه عليها الرئيس وتقضي به المصلحة العليا لبلاده.. وكذلك لمنطقتنا بشكل عام". وكان مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد طالب المجتمع الدولي بالوقوف مع اليمن، "شعبا وحكومة في هذه الظروف الأمنية الصعبة التي يواجهها، خصوصا وانه يتعرض لحرب معلنة يقف وراءها فكر متطرف وقوى يسعيان لزعزعة امنه واستقراره، وإفشال مسيرة الانتقال السياسي السلمية"، مؤكدا وقوف دول مجلس التعاون "مع أشقاءها في اليمن في كل ما يحقق أمن اليمن واستقراره ووحدته". وادان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني العدوان المسلح الذي قامت به جماعة الحوثي ضد مدينة عمران شمال اليمن، وما قامت به من اقتحامات، ونهب، وقتل، وترويع للمدنيين، وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، واعتداءات على مؤسسات ومرافق حكومية، ووحدات عسكرية وأمنية، وذلك في انتهاك واضح للاتفاقيات الموقعة في هذا الخصوص، وتعارض صارخ لمخرجات الحوار الوطني الشامل. واعتبر الزياني في بيان أصدرته الأمانة العامة لمجلس التعاون الاربعاء أن "جماعة الحوثي تتحمل المسؤولية كاملة عن كل ما يجري في مدينة عمران، وما يتعرض له مسار التسوية السلمية في اليمن من تعطيل يهدد مسيرة الانتقال السياسي السلمي، والتي بذل الشعب اليمني بكافة قواه والمجتمع الدولي الكثير في سبيل إنجاحها، بهدف الوصول باليمن إلى برّ الأمان". ويسعى الحوثيون الى السيطرة على اكبر قدر ممكن من الاراضي في شمال اليمن استباقا لتحويل البلاد الى دولة اتحادية، كما يقول خصومهم اليمنيون. ومعقل الحوثيين الشيعة في الاساس هو محافظة صعدة الشمالية، الا انهم تمكنوا من توسيع حضورهم بشكل كبير منذ 2011 وذلك بعد ان خاضوا ست حروب مع صنعاء بين 2004 و2010، كما خاضوا حربا مع السعودية في 2010.