الشيخ حسين بن شعيب والمحامي علي هيثم الغريب رجلان متشابهان في طريقة حشر نفسيهما في كل شيء مهم للحراك ، بينما يختلفان عن بعضهما في وقت التحاقهما فيه . فالشيخ بن شعيب ظهر متأخراً جداً بعد أن طالبنا كثيراً بضرورة البحث عن رجال دين جنوبيين ليشكلوا أي اصطفاف ديني في وطننا الجنوبي المحتل ، وبخاصة خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الثورة الجنوبية .. رجال يستطيعون قول كلمة الحق بعد غيابهم عن قولها خلال السنوات الطويلة من الظلم ، لاسيما بعد صدور فتوى الحرب البشعة على الجنوب ، عندما لم يؤدي أي من رجال الدين الجنوبيين أمانتهم الدينية في مواجهة سفه رجال الدين الشماليين على الشعب الجنوبي . ولقد استبشرنا خيراً بإشهار الهيئة الشرعية عام 2012م ، وخاصة أن بن شعيب أكد عند إشهارها على إنها ليست من مكونات الحراك ، إنما هي تؤازره وتكون ورقة عمل للفتوى والدعوة والإرشاد . لكن بن شعيب كرئيس للهيئة أنضم إلى المجلس الأعلى للحراك ، ثم ذهب مع المنشقين وأفتى ب "عدم شرعية مؤتمر المنصورة للمجلس الأعلى للحراك لأن الرئيس البيض غير راض عنه" ، فكانت النتيجة حدوث الانشقاق في قيادة الحراك - الأمر الذي يمثل لب مشكلة الحراك القائمة اليوم - الذي كان قد لعب فيه الأخ علي الغريب - مع قيادة المجلس - الدور الأبرز ؛ والاثنان معاً (بن شعيب والغريب) يلعبان حالياً دوريهما من جديد لتعطيل عمل اللجنة التحضيرية بسيناريو مبتكر .
ومن المؤسف أن الشيخ بن شعيب كان قد رفض عضوية اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع ، لكنه أنتقل من مجلس الثورة ليترأس ما أسموه تضليلاً : "لجنة التوافق لمكونات الحراك الجنوبي" ورئيساً للهيئة الشرعية – التي بها حمَّل نفسه الأمانة - ثم ظهَر على قناة "عدن لايف" ليرتكب إثماً آخر بتجاوزه صفة "الصدق" للافتراء علينا (أعضاء اللجنة التحضيرية) قائلاً : شكلنا لجنة التوافق لأن اللجنة التحضيرية تحولت إلى لجنة مناكفة . وللأسف أيضاً ، أننا لم نستطع معرفة السر الكامن خلف هذه التصرفات التي يقوم بها بن شعيب .
فهل يُعقل الحديث عن لجنة توافق - يصر كل من بن شعيب والغريب على أن تعمل خارج اللجنة التحضيرية – في حين لا تعبر عن التوافق المطلوب لمؤتمر وطني يجمع كافة قوى الثورة السلمية وعلى وجه الخصوص المكونات الرئيسية ؟! ... أليس ما يفعله كل من بن شعيب - كرئيس للجنة التوافق - والغريب - كقائم بأعمال التحضيرية - هو إقصاء واضح لمكونات الثورة الرئيسية وليس فقط تعطيلاً لعمل الجنة التحضيرية ؟! .. وكيف اُنضمت كل من الهيئة الشرعية وتيار مثقفون من أجل جنوب جديد إلى المكونات وقد أكدا رئيسهما بأنهما ليسا كذلك ؟! .. وكيف يمكن الحديث عن توافق المكونات ال (22) المعلنة لتذهب دون غيرها إلى مؤتمر جامع بينما هي على الشكل التالي ؟! : (أولا) مكونات تمثل أصلاً فئة مجتمعية واحدة – فئة الشباب : (1) التكتل الشبابي المتحد لتحرير الجنوب (2) الجبهة الشبابية المتحدة لتحرير الجنوب (3) حركة شباب عدن التحررية السلمية (4) تجمع شباب عدن الثوري (5) ملتقى الشباب الجنوبي التحرري (6) اتحاد شباب الجنوب (7) شباب 16 فبراير (8) رابطة الشباب الديمقراطي "رشد" .. (ثانيا) مكونات تنتمي أو ينتمي أعضاؤها إلى مكونات أخرى أو أحزاب سياسية : (1) جمعية المتقاعدين العسكريين (2) المنتدى الأكاديمي (3) الهيئة الشرعية للإفتاء والإرشاد (4) تيار مثقفون من أجل جنوب جديد (5) تجمع الأحرار الجنوبي (6) تجمع القوى المدنية الجنوبية (7) الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب .. (ثالثا) مكونات تمثل انشقاقات لمكونات وأحزاب أخرى : (1) حزب رابطة أبناء الجنوب العربي الحر (2) التجمع الوطني الديمقراطي "تاج" (3) المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير الجنوب (4) القيادة الجماعية لجبهة التحرير والتنظيم الشعبي .. (رابعاً) مكونات في إطار محافظة عدن : (1) مجلس عدن الوطني (2) مجلس عدن الوطني الحر . (خامسا) منظمة جماهيرية لم تتكون بعد : (1) الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب.
إن ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هي النقاط الخمس التالية : (أولا) إن إصرار رئيس الهيئة الشرعية على وجود لجنة التوافق وترؤسها لإقصاء الآخرين والذهاب إلى المؤتمر بالمكونات المذكورة أعلاه ، يعني السير نحو إفشال التحضير لمؤتمر جامع فتكون هذه النتيجة دليلاً على أن الجنوبيون غير متفقين على هدف الاستقلال ؛ وبهذا الدليل تتمكن السلطة من وضع صفة " الاختلاف " عنواناً لسلوك الجنوبيين . وفي الوقت ذاته ، هناك مؤشرات أخرى تدل على رغبة بعض أطراف في إنشاء مكون جديد تقوده أحزاب معروفة إلى جانب الهيئة الشرعية تحت اسم المؤتمر "الجامع" . (ثانيا) يجب رفد اللجنة التحضيرية - بشكل مدروس – بأعضاء جدد ذوي كفاءة عالية يمثلون المكونات التي ربما لم تقتنع بعد بتركيبة اللجنة ، وأن تقوم اللجنة بمهامها دون أي تدخل من أي طرف ، ولو تطلب الأمر أن تعقد معظم اجتماعاتها بصورة علنية لتتابع الجماهير ما يجري ، فيكون الاحتكام للشعب الجنوبي بدلاً عن متابعته للبيانات الزائفة . (ثالثا) يتعين على الهيئة الشرعية أن لا تتدخل في مشروع المؤتمر الجامع ولا في عمل مكونات الثورة عدا ما كان من باب تقديم النصيحة فقط ، وأن يتركز اهتمامها على التعاون لمواجهة الإرهاب الفكري باسم الدين أو أي ظواهر سيئة دخيلة على المجتمع الجنوبي . (رابعاً) إن لجنة التوافق – رغم نقاوة أعضائها - صارت الأداة التي يستخدماها بن شعيب وعلي الغريب لتعطيل أي مهام مناطة باللجنة التحضيرية ؛ ولذلك يتعين عليهما رفع أيديهما عن اللجنة التحضيرية ، كون المؤتمر الذي ننشده يمثل مصلحة وطنية لا يجوز العبث بها . (خامسا) إن الهدف الرئيسي من المؤتمر الذي ننشده هو إيجاد كيان سياسي ممثلاً لكافة مديريات المحافظات الست في وطننا الجنوبي ، ليقود الثورة وفق رؤية موحدة وواضحة ، ويحمل قضية الجنوب داخلياً وخارجياً بقيادة واحدة ، وليس فقط لتوحيد قيادات المكونات السياسية القائمة .