مهمّة الرئيس أوباما في محاربة داعش عبر تحالف دولي لا تبدو بأنها مهمّة سهلة، في ظل التحديات والصعوبات التي تقف في طريق تحقيق الهدف الإستراتيجي لتلك المهمّة، وهو تدمير تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على أراضٍ شاسعة من أراضي العراق، وقطع رأس صحفيين أمريكيين، وهو ما يحاول إثباته هذا التقرير الصادر مؤخرًا عن مجلة «فورين بوليسي»، والذي كتبه شين هاريس، حيث يرى هاريس أن الولاياتالمتحدة أمضت أكثر من عقد في محاولة القضاء على تنظيم «القاعدة»، لكن بالرغم من تمكنها من تحقيق الكثير على طريق تحقيق هذا الهدف، إلاّ أن قائدها -أيمن الظواهري- لايزال حيًّا، ولايزال التنظيم يمارس عمليات إرهابية في اليمن والصومال ومالي، والعديد من الدول الأخرى، إلى جانب تمكنه من تأسيس فرع جديد في الهند. كما أن الحملة المستمرة على طالبان في أفغانستان وباكستان لم تنجح حتى الآن في القضاء عليها. ويرى أيضًا استنادًا إلى كريستوفر هارمر المسؤول العسكري السابق في البحرية الأمريكية والمحلل في معهد دراسات الحرب، أن تدمير تنظيم إرهابي يعني استئصاله إلى الأبد، كما فعل الحلفاء في الحرب العالمية الثانية عندما نجحوا في القضاء على النازية، وأن استخدام كلمة «تدمير» يعني أن الحديث يدور حول التطلع نحو تحقيق انتصار شامل على الصعيدين السياسي والعسكري. لذا فإن الحديث عن تدمير «داعش» وفق هذا المعيار يتطلب تحييد، أو القضاء على عشرات الآلاف من مقاتلي هذا التنظيم الإرهابي، وطردهم من الأماكن التي تقع الآن تحت سيطرتهم في العراق، وإزاحتهم من قاعدة عملياتهم في سوريا. واستطرد إن ما يزيد من صعوبة تحقيق هذه المهمّة حقيقة تجنيد التنظيم المئات من المقاتلين الذين يحملون جوازات سفر غربية، وأيضًا ما يملكه من رصيد كبير من المال (الكاش)، وتمكنه من بيع كميات من النفط. وانتقد التقرير اختيار الرئيس أوباما لبعض الكلمات التي استخدمها في معرض حديثه عن محاربة تنظيم داعش الإرهابي (مثل تدميره والقضاء عليه، ثم العودة عن هذا الوصف واستخدام كلمات أخرى مثل إضعافه وتقليصه) معتبرًا أنه أمر مهم للغاية لأنه يشكل شكل التدخل العسكري الأمريكي الجديد في العراق، الذي تمثل حتى الآن في شن حوالى 150 غارة جوية نفذت بالتنسيق مع القوات العراقية والكردية، معتبرًا أن تلك الغارات أدت إلى تدمير بعض المركبات التي تعود للتنظيم مثل سيارات «هامر» وبعض (التركات)، ولكن الولاياتالمتحدة لم تذكر رقمًا لعدد عناصر «داعش» الذين قتلوا في تلك الغارات. كما أن هذه الغارات على ما يبدو، لم تقلل من قدرة التنظيم على التحرك بحرية في العراقوسوريا، أو استعادة السيطرة على المدن الكبرى التي سيطرت عليها في البلدين. كما أمكن الملاحظة بأن فقدان التنظيم لمنطقة يقابله السيطرة على منطقة أخرى. ويعتقد هاريس إن تدمير التنظيم يحتاج -من جهة أخرى- إلى وجود قوات تقاتل على الأرض، ولكن الرئيس أوباما أكد في غير مرة أن مثل هذه القوات لن تكون أمريكية، وهو ما يعني انه لا يمكن الاعتماد فقط على الضربات الجوية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك بأن الحملة لن تكون فعّالة بدون تحقيق المصالحة العراقية حتى يمكن استمالة العراقيين السنة والبعثيين في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي. كما يتطلب الأمر جهودًا إقليمية لمواجهة جذور التطرف الديني والحيلولة دون تلقي التنظيمات الإرهابية المشابهة -كتنظيم جبهة النصرة- الأموال وتجنيد الشباب ونشر أيدلوجية التطرف في المنطقة وفي الغرب.