واصل قصر الثقافة استضافة وقائع ملتقى الشارقة الحادي عشر للسرد، والذي جاء في إطار الإجابة عن سؤال "هل الرواية سيدة الأجناس الأدبية؟" وواضح أن السؤال، لم يعن بأي حال حسم السجال الدائر حول صحة ومصداقية تسيد الرواية الأجناس الأدبية كلها، لاسيما أن هناك آراء متباينة في هذا الصدد . ضمن المحور المعنون ب"الترابط النصي والخطاب الروائي" الذي خصصت له الجلسة الصباحية الأولى، يوم أمس، شارك كل من د . عادل عوض "مصر"، وهمدان دماج "اليمن"، وعزت عمر "سوريا"، وأدار الجلسة د . عمر عبدالعزيز الذي ارتجل مقدمة تمهيدية مستفيضة، للمحور، مسلطاً الضوء على السير الإبداعية للمشاركين . وقد ذكر د . عوض في ورقته التي حملت عنوان "الترابط النصي ومتغيراته الحداثية في الرواية النسوية الإماراتية" أنه من الصعب، خلال وقفة سريعة، الإشارة إلى هذا الموضوع، حيث تتداخل معه ظواهرأخرى، تحدد معناه، وتكون خيوط نسيجه المتماسك، وهذه الظواهر هي الحبكة، والإطار، والوحدة العضوية، والصراع الدرامي، والعقدة، كما ترتبط بالتحولات العميقة التي طالت السرد الروائي وقضاياه بشكل، وأن حضور عنصر الحدث في العمل الروائي هو حضور كبير بشكل أو بآخر، فالأديب يسعى لإيصال أفكاره للقارىء من خلال القصة المقدمة في الرواية التي لابد لها أن تكون مستمدة من حدث أو مجموعة أحداث مترابطة .
وتحت عنوان "أسلوبية السرد والترابط الدلالي في رواية "جدائل صعدة" جاءت ورقة د . همدان زيد دماج التي تناولت، في مقاربة أولية، وبشكل خاص الرؤية الدلالية، في رواية "جدائل صعدة" للروائي اليمني مروان الغفوري التي حظيت بعد نشرها 2014 باهتمام كبير من الوسط الثقافي في اليمن، بسبب تطرقها لقضية اجتماعية وسياسية باتت تطوراتها الأخيرة تشغل الرأي العام .
وجاءت ورقة عزت عمر بعنوان "النص المترابط والرواية الرقمية التفاعلية"، حيث أشار إلى أن الأبحاث التي تؤرخ للنص المترابط ظهرت منذ تسعينات القرن الماضي، مع انتشار الشبكة العنكبوتية، وقال: "النص هنا، قائم على فكرة "النقر" على "عقدة" تقوده إلى "رابط"، وكلنا نستفيد من هذه الخاصية المفيدة لدى تصفحنا، ورأى أن مفهوم الزمن تغير، وهو ما يجعلنا نعيد النظر في الكثير مما كان يعد من صميم أساسيات الرواية .
وقد خصصت الجلسة الثانية، من الفترة الصباحية، أمس لتناول محور "بنية الزمن بين أشكاله وإشكالياته وتحولاته" وشارك فيه كل من د . سعيد السيابي "سلطنة عمان"، ود . صالح هويدي "العراق"، وود . محمد آيت لعميم "المغرب" . وارتجل إسلام أبوشكير الذي أدار الجلسة مقاربة ضمن فيها مفاتيح أولى للمحور، إضافة إلى تسليطه الضوء على السير الإبداعية للمشاركين . وقد وجد د . السيابي أنه إذا كانت الرواية فناً، فإن العنوان الروائي هومفتاح عجلة القيادة في "سيدة الأجناس الأدبية"، والزمن هو أول السبل إلى بناء ووقوع الأحداث، وأن توظيف مفردة الزمن في عنوان الرواية يحيل القارىء إلى جوهرها . بينما ركز د . هويدي في ورقته التي حملت عنوان "الزمن . . أهميته ومشكلاته في الخطاب الروائي" على أن الزمن يمثل أحد الأسئلة الكبرى التي شغلت اهتمام الإنسان على امتداد تاريخه الطويل، بعد أن أدرك سريان خطواته وهيمنته على كل ما هو حوله إلى جانب تأثيره في شؤون حياته ومظاهرها على نحو لا قبل له بمقاومته .
وأشار محمد آيت لعميم إلى "تجليات الزمن الروائي"، ولفت إلى أن الرواية فن زمني، كما الموسيقى، وهي خطاب تتابعي، وحركي، وأضاف قائلاً: "منذ مطلع القرن العشرين، لم يعد الزمن موضوعاً أو شرطاً، للإنجاز، ولكنه أصبح هو نفسه موضوع الرواية" . وقد خصصت الجلسة المسائية، مساء أمس الأول، لتناول المحور المعنون ب"استجابة الرواية جمالياً لمتغيرات الواقع" والتي شارك فيها كل من: د . رشيد بوشعير "الجزائر"، ونبيل سليمان "سوريا"، ود . سعدي ماء العينين "المغرب" . رسول محمد رسول "العراق"، وأدار الجلسة عبدالفتاح صبري الذي مهد عبر مقدمة ارتجالية للأوراق المشاركة، معرفاً بالسير الإبداعية لأصحاب الأوراق المشاركة .
وقد أجمع المشاركون ضمن هذا المحور، على أن الرواية تبدأ من الواقع، وأنها يجب أن تكون لافتة، مدوية، في تناولها لهذا الواقع، وقد جاءت الروايات التي تناولت الربيع العربي-على سبيل المثال- كتأكيد على تفاعل الروائي مع محيطه، والإجابة، عن أسئلته . بينما خصصت الجلسة المسائية الثانية، للاستماع إلى شهادات أصحاب التجارب الروائية، حيث قدمت كل من ريم الكمالي "الإمارات"، وهاني القط "مصر"، إضاءات حول بعض الملامح البارزة في تجربتيهما الروائيتين .