يغلبني الذهول إلى حد الإنصعاق مما يحدث في هذه البلاد وقد تبدَّل سلوك يعض أناسه إلى ماليس له شبه بسلوك رجال العهود البعيدة جداً والذين كنا نصمهم بالأميين والمتخلفين والرعاع والجهلة ...الخ فيما هم على مابهم من بؤس الحال وما يقاسون من شضف العيش والحرمان من كل وسائل التقدم لكنهم كانوا قابضين على أعرافهم وتقاليدهم ومتمسكين بنواميس ومفاهيم لاتسمح لهم البتَّه أن يرتكبوا أفعال مشينة بمثل ما يفعله بعض أناس زمننا الراهن . لست أدافع هنا عن ذلك الماضي البعيد ولكنني فقط أود ان أستوقفكم لأسأل وعلى مضض : هل معقول أن ينتج التقدم العلمي والتطور المعرفي وتوافر كل هذه المقتنيات الراقية جداً كل هذا الانحراف السلوكي المفزع ؟! . بكل تأكيد الجواب كلا وألف لا لأن الخلل أصلاً ليس كامن في هذه الوسائل المعاصرة وانما ساكن في بعض العقول المنكمشة في عمق الوحشية ! .
أعني بهذا ان بيننا اناس أستوطنة الوحشية في أعماقهم ولما وجدوا الوسائل التي تسهِّل لهم ممارسة وحشيتهم في ظل غياب الجهة الرادعة ممثلة بالدولة أنتعشت وحشيتهم وتوسعت في أرجاء الوطن والى المستوى الذي بتنا فيه نشعر بالقلق والخوف والرُّعب حيث لم يعد لنا مكان نستأنس فيه او نشعر معه بالطمأنينة !! فالكل مهدد وخا ئف في المدن والقرى والطرقات وحيث ما حللنا وارتحلنا فلا أمان لبريء ولا سكينة لطفل أو إمرأة أو عجوز فالكل أمام هذا التوحُّش المرعب هدف !! . أن هذا التوحُّش الذي عنيناه ما كان له أن يتَّسع ويتمدد في كل أرجاء وطننا الجنوب المحتل لولا السياسة الحقيرة التي أتبعها المحتلين إزاء شعبنا الجنوبي المكافح لوأد أمانيه وتطلعاته بهذا الوابل من الأعمال الجهنمية الممنهجة ليتوه شعبنا في محنة هذا السلوك البشع الذي خطط له المحتلون بعناية فائقة ليستحكموا بقبضتهم على بلدنا وثرواته ويتمكنوا من بعثرتنا وإثقال كواهلنا بهذه الكوابيس المرعبة .
للحقيقة أقول إنه ما كان لهذا المحتل الغاشم أن يوزِّع الرعب في كل أرجاء وطننا لو كنا جميعا متراصين وموحدين إزاء قضيتنا العادلة بل أجزم إننا سنكون قد حسمنا أمر إستقلال بلدنا لو أستشعر كل جنوبي بمسئوليته تجاه وطنه لأننا بوفق المقاييس التي نعرفها عن إنتصارات الشعوب ليس بمستطاع أي محتل أن يقهر شعباً موحداً متماسكاً مهما بلغت قدراته العسكرية ولن نذهب بعيداً في إستجلاب الأمثلة فهاهنا وعلى مقربة منا أنصار الله الذين أكتووا بظلم العصابات الحاكمة في صنعاء رغم إنهم جزء لايتجزأ من الجمهورية العربية اليمنية لكنهم أبوالرضوخ لسيطرة الظالمين المستكبرين فكانت أولى خطواتهم توحيد أنفسهم وتماسكهم وعلى مستوى من الصرامة والثبات والتعاضد الذي لايلين فلقد خاضوا حروب قاسية وأكتسبوا تجارب زادتهم قوة ومتانة ثم أن صفوفهم لم تخترق وهذا ماجعلهم يزدادون تصلبا ًوإيماناً بقضيتهم ففرضوا واقع جديد بإعتراف العالم فيما وجودهم في إطار دولة واحدة ، بينما نحن شعب لنا جغرافيتنا الخاصة وكنا دولة بما تعنيه الدولة !! .
فهل ياترى سنعيد ترتيب أفكارنا بأهمية التوحد الجاد لإستعادة وطننا المغتصب ونستفيد جيداً من التجربةالمُثلى لأنصار الله ؟! .