منذ إعلان الوحدة اليمنية بين الشطرين وسفينتها تترنح في بحر من المشكلات والإخفاقات حتى وصل الحال إلى حربٍ بين الشطرين بعد أربع سنوات فقط من تحقيقها كانت لها نتائج كارثية إلى يومنا هذا مما يعطي أكبر دلالة على أن هذه الوحدة أصبحت وبالاً على الشطرين فيما لم تعد على المواطنين بما كان مؤملاً منها بل كانت عكس توقعاتهم تماماً. ومع قيام الثورة الشبابية عام 2011م ظن الثائرون أنها ستعيد للوحدة صورتها الحقيقية وبشروا بذلك معاشر الجنوبيين المنتفضين على نظام صنعاء قبل ثورتهم والذي حول الجنوب من شريك في الوحدة إلى ملحق جغرافي يستنفد ثرواته وطاقاته ليصب في جيوب لوبي الفساد العسكري والقبلي في صنعاء بل وصدَّرت صنعاء كل ما في نظامها القبلي إلى محافظات الجنوب التي تعشق النظام والقانون ليحل محلها ثقافة القبيلة وما ترتب عليها من آثار سلبية في شتى مناحي الحياة. وهاهي الثورة الشبابية تفشل وترجع القهقرى والمبادرة الخليجية التي جعلوها صمام أمان الحل لمشكلات اليمن وإعادة ترتيب الأوراق بما يحفظ لكل الأطراف حقوقها - بما فيهم الجنوبيون - هذه المبادرة التي وصفها شاهد من أهلها بأنها أكبر خدعة وأكذوبة في تاريخ اليمن السياسي ها هي اليوم تطوى صحائفها إلى غير رجعة تحت أقدام الحوثيين وأصوات بنادقهم ليبدأ فصل جديد من قصة الاتفاقات والمبادرات بما يسمى وثيقة السلم والشراكة والتي ستأتي بعدها مبادرات أخرى تنسخها وتحل محلها لتعود الكرة من نقطة الصفر. صنعاء سقطت والحكام الفعليون لها غير حكام الأمس والمبادرة الخليجية انتهت والحوار الوطني ومخرجاته في غياهب الغيب وكل مقرراته مرهونة بموافقة الحكام الجدد الذين يمتلكون السلطة والقوة وأصبح الواقع اليوم غير واقع الأمس والأحلام التي بنيت على ثورة الشباب تلاشت ولم يعد لها مكاناً من الإعراب السياسي!!. إذن ماذا بقي من وحدة 22مايو يراهن عليه الجنوبيون القابعون في كراسي الوزارات بصنعاء؟ وهل بقي أملٌ لذا هؤلاء في أن يصطلح شأن البلاد وتتحقق الشراكة بين الشطرين على أساس الندية والمساواة والقوى القبلية والعسكرية هي التي تتحكم في المشهد وترسم ملامح مستقبله بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع؟!. على الجنوبيين في صنعاء اليوم أن يدركوا أن الواقع تغير وأن تقديرهم للأمور ينبغي أن يكون وفق هذا الواقع المتغير فليعودوا إلى ديارهم ويعلنوا فك ارتباطهم بالسلطة التي سقطت بعد إسقاط صنعاء من قبل الحوثيين بقوة السلاح إذ لم يعد هناك حوار وطني ومخرجاته ولا مبادرة خليجية ولا وثيقة يمكن الاعتماد عليها بعد اليوم إلا لغة القوة لتحقيق الأهداف في ظل قوى متصارعة لم تستطع إلى الآن على التوافق على رئيس حكومة فضلاً عن إدارة بلد في ظل هذه المعطيات الجديدة المعقدة. إن المجتمع الدولي ودول الجوار ستدرك تماماً وستتفهم الخطوات التي يمكن أن يقدم عليها الجنوبيون مستقبلاً للحفاظ على كيانهم وهويتهم من نظام اللادولة الذي يعم أغلب مناطق اليمن وإن الحفاظ على أكثر من ثلثي اليمن مساحة بمياهه الإقليمية ومضيقه الدولي وحدوده المهمة مع دول الجوار أفضل من ذهاب اليمن كله في مستقبل مجهول لا تعرف معالمه في ظل صراع قوى النفوذ العسكري والقبلي ذات الولاءات المتذبذبة والتي تدار من قبل أطراف خارجية لا يهمها إلا مصالحها .