"القسام" تنفذ سلسلة من العمليات ضد العدو الإسرائيلي شرق مدينة غزة    في ذكرى استشهاده الثانية: الشهيد عبداللطيف السيد.. الجنوب يستحضر بطل السلام والنصر ..    الحوارات التي حصلت واشادته لحكومة عدن وانتقاده لحكومة صنعاء وماذا يجرى في الحديدة    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    بريطانيا تعزز حضورها في حضرموت المحتلة وسط اهتمام بالنفط والغاز    منظمة التعاون الإسلامي تدين اغتيال الاحتلال الاسرائيلي 6 صحفيين في غزة    تعز تحتفي باليوم العالمي للشباب بورشة لتعزيز الدور الثقافي والاجتماعي للأندية الرياضية    الرشيد يمطر شباك نور صبر ب14 هدفاً ويعتلي صدارة مجموعته مؤقتاً في بطولة بيسان    تعز: وفاة 3 اطفال جراء انهيار صخري وصواعق رعدية    الدولار يصعد قبيل إعلان بيانات تضخم أمريكية    الهيئة النسائية تدشن فعاليات المولد النبوي في المحافظات الحرة    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    العراسي: محطة فاشلة لتوليد الكهرباء في الحديدة أطلقوا عليها اسم "الحسين" وألواحها إسرائيلية    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    مأرب: صمام أمان الجمهورية في وجه مشروع الحوثي الإمامي    الوزير الزعوري يبحث مع السفير بن سفاع تحديات العمل الخيري في بلادنا    محافظ العاصمة عدن يبحث مع نائب وزير الأوقاف تطوير قطاع الأوقاف و والإرشاد    مليشيات الحوثي تدمر المعالم الثقافية في الحديدة وتحوّلها لمصالح خاصة    مساعدات إماراتية تنتشل شبوة من أعباء حرب الخدمات    محافظ شبوة يزور ملعب الفقيد الخليفي ونادي التضامن الرياضي    أبين.. طائرة مسيرة تستهدف نقطة عسكرية بمودية    البيض يحذر: القرار السيادي في اليمن مُصادر والتحالفات تتبدل والخرائط قد ترسم بمداد غير يمني    وزارة الإعلام تدشن خطة التغطية الإعلامية لذكرى المولد النبوي    منسقية انتقالي جامعة حضرموت تناقش تقارير الأداء للنصف الأول من العام الجاري    العليمي والمعبقي يحاربون الجياع برفع الدولار الجمركي من 750الى 1400    باريس سان جيرمان يتعاقد مع المدافع الأوكراني زابارني    مكتب الزكاة بذمار يستعد لتدشين فعاليات ذكرى المولد    السعدي :أمن وسلامة ممرات الملاحة ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والازدهار    باريس يستبعد دوناروما من قمة السوبر الأوروبي    قرار حكومي يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة المحلية    حكومة التغيير والبناء .. عام حافل بالعطاء والإنجاز رغم جسامة التحديات    الصين تعلّق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا    بعد بدء رفعه تدريجياً في صنعاء.. مصدر يكشف عن توجه مالية عدن لرفع قيمة الدولار الجمركي    مجموعة هائل سعيد وشركة النقيب خفضوا الأسعار مرتين.. لأنهم سرق ونصابين    صحفي يمني يكتب: أحمد العيسي رجل الدولة العميقة، الذي صادر الدولة!    أهلي تعز يهزم التعاون ويتصدر مجموعته في بطولة بيسان    الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة ويحذر من العواصف الرعدية    50 شهيدا بقصف منازل واستهداف منتظري المساعدات في غزة    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع الطائرت الأوكرانية المسيرة    عاجل.. وحدات الدعم والإسناد الحربي بالقوات الجنوبية تدك تجمعات حوثية شمال الضالع    ورشة عمل تشاورية لتعزيز الوصول الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق الخدمية    لماذا لا يفوز أشرف حكيمي بالكرة الذهبية؟    موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر    شبكة ستارلينك: أداة تجسس أمريكية إسرائيلية تهدد أمن اليمن    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    محمد تصحيح: عازمون على تحقيق الفوز الأول وإسعاد جماهير الرشيد    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    افتتاح معرض تشكيلي في صنعاء يجسد صمود غزة    فرصة إمام جامع وضيعتها    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    فيديو وتعليق    قصر شبام حضرموت النجدي بين الإهمال والخطر    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    وجع بحجم اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاضات الربيع العربي
نشر في عدن الغد يوم 02 - 11 - 2014

عمّت البشرى العالم العربي ببزوغ فجر جديد من الحرية والديمقراطية، بعد إسقاط رؤوس الأنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن، بانتفاضات شعبية أحدثت زلزالاً مدوياً، ضرب في سيدي بوزيد، وانتقلت ارتداداته إلى دول عربية أخرى، وبلغ صداه أرجاء العالم، وظن كثير من المتفائلين أن تلك الانتفاضات، ستمضي قدماً إلى سائر الدول العربية، لتطيح كل قادة الاستبداد، وتؤسس لأنظمة ديمقراطية، ترعى الحريات والحقوق الإنسانية.
لكن، بعد اندلاع شرارة الانتفاضة الشعبية السلمية في سورية، تراجع المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عن دعم مطالب الشعب السوري بالتحرر من نظام قمعي دموي، ما شجع هذا النظام على التمادي في جرائمه، ووضع الجيش، بعدته وعتاده، في مواجهة المدنيين العزل لإخماد الانتفاضة، وكان لقرار النظام شن حرب مفتوحة على الشعب الثائر، دور حاسم في عسكرة الانتفاضة السورية، بعد أن قام الجيش بشن حرب إبادة استعمل فيها جميع أنواع الأسلحة، بما فيها المحرمة دولياً، وعلى الرغم من ذلك لم يحرِّك "العالم الحر" ساكناً، والتزم الصمت غير المبرر إزاء المجازر اليومية التي يرتكبها النظام السوري.
وكان هذا التخاذل الدولي في دعم انتفاضة الشعب السوري ضد نظام دموي، مؤشراً على تحوّل في الموقف الغربي من ثورات الربيع العربي، وهو ما برز بشكل واضح في التراجع عن مطالبة الرئيس السوري بالتنحي عن الحكم، واتخاذ موقف مؤيد للانقلاب العسكري على رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن القوى الغربية الكبرى لم تكن جادة في دعمها للحراك العربي، وإنما ركبت عليه متظاهرة بالانحياز إليه، لكن بعدما تأكد لديها أن الحراك في المنطقة العربية، سيفرز نخباً حاكمة جديدة، تعتمد في مشروعيتها على الموروث الثقافي الإسلامي، وهذا ما يفسر تخليها عن الشعوب المنتفضة في دول الربيع العربي، وتركها تواجه مصيرها لوحدها مع أنظمة الاستبداد، حفاظاً على مصالحها الحيوية في المنطقة.
وهكذا، وبعد صمتها عن الانتهاكات الخطيرة للنظامين السوري والمصري في حق المدنيين، أتى الدور على ليبيا التي بدا فيها التدخل الأجنبي واضحاً، من خلال دعم قوى إقليمية ودولية لقيادات عسكرية تنتمي للنظام السابق بزعامة خليفة حفتر، من أجل إجهاض ثورة 17 فبراير، وإعادة النظام السابق بشخوص جديدة، وهو ما أدى إلى انفلات أمني واضطراب سياسي، جراء الحرب الدائرة بين كتائب مؤيدة للواء المتقاعد والمليشيات المسلحة التي أسقطت نظام القذافي.
اليمن بدوره تعرّض لاختراق خارجي من أجل إفشال تجربته السياسية الهشة، مستغلاً ضعف مؤسسات الدولة، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها القوى السياسية لتجاوز المرحلة الانتقالية، وقد ظهر هذا التدخل الخارجي في انقلاب جماعة الحوثي على مخرجات الوفاق السياسي بين الأطراف، وإعلانها التمرد المسلح على مؤسسات الدولة، واحتلالها بالقوة لعدد من المرافق الحيوية، والسيطرة على أهم المدن اليمنية، في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات المبرمة تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما جعل اليمن يعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، ورغم كل ذلك، لم يتحرك المجتمع الدولي، لوقف تقدم هذا التنظيم المتطرف، وردعه كما فعل مع تنظيم "داعش"، وهو ما يطرح علامة استفهام كبرى حول جدوى الرعاية الدولية للقضية اليمنية؟
والعراق وإن كان هو الآخر قد شهد انتفاضة شعبية، لكنها كانت ذات طابع مذهبي، حيث قام النظام الشيعي الذي وضعه الاحتلال الأجنبي، بممارسة الإقصاء في حق السكان العراقيين من أهل السنة، وهو ما دفعهم إلى القيام بانتفاضة سلمية من خلال التظاهرات والاعتصامات في بعض المحافظات العراقية، لكن النظام واجهها بالقوة المسلحة، فتحولت هي الأخرى إلى ثورة مسلحة، كانت من تداعياتها دخول تيارات متطرفة على الخط، وإحداث حالة من الإرباك والتوتر في المشهد السياسي العراقي.
وبقيت تونس تشكل الاستثناء من القاعدة، حيث لا زالت القوى السياسية تحافظ على حد أدنى من التوافق السياسي، واستطاعت بحسها الوطني أن تتجاوز المطبات الخطيرة للفترة الانتقالية، واستفادت من أخطائها، حفاظاً على مكتسبات الثورة التونسية التي تميزت بريادتها، وقد فوت هذا التوافق السياسي بين النخب التونسية، الفرصة على قوى الثورة المضادة داخلياً وخارجياً، التي كانت تتربص لاختراق التجربة الفتية، والانقضاض عليها كما فعلت في دول عربية أخرى، واستطاعت تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس أن تتخطى امتحانات عسيرة كادت أن تعصف بها، لولا تضحيات وتنازلات الائتلاف الحاكم لما بعد الثورة، خاصة بعد حالة الاحتقان والتوتر التي خلفتها عمليات الاغتيال السياسي لقياديين يساريين.
ورغم كون تونس قد تمكنت من اجتياز الانتخابات التشريعية الأخيرة بأمان، لكنها لم تتجاوز بعد الفترة الانتقالية، خاصة أنها تواجه صعوبات وتحديات متشعبة أمنية وسياسية وتنموية وهيكلية. تتطلب من الحكومة المقبلة جهوداً كبيرة لبناء دولة ذات مؤسسات قوية، تستطيع مواجهة التحديات المختلفة التي ستواجهها في المستقبل، وتستجيب لانتظارات الشعب التونسي الملحّة، خاصة في الجانب المتعلق بتحسين الظروف المعيشية للمواطن، فهل ستتمكن النخبة السياسية التونسية سواء في الحكومة أو في المعارضة من أن تحافظ على الاستثناء داخل محيط إقليمي مضطرب؟
من الصعوبة بمكان تكهن مآلات الربيع العربي، لأنه لا زالت هناك مخاضات عسيرة تعرفها الدول التي مرّ بها، وإن كان الواقع الحالي في بعض الدول العربية يحمل على التشاؤم من المستقبل، خاصة بعد تراجع قضية الإصلاح السياسي لحساب القضايا الأمنية، فإن قراءة رصينة للتاريخ الحديث، تجعلنا متفائلين بقدرة الشعوب على تقرير مصيرها، وإحداث تغيير في واقعها السياسي والاقتصادي، في أفق إرساء أنظمة ديمقراطية ترعى الحريات والحقوق، والمنطقة العربية لن تبق معزولة عن التحولات التي شهدها العالم، في مجال الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان..، لكن السؤال يبقى: كم من الوقت سيستغرق المخاض قبل ولادة أنظمة ديمقراطية؟ وبأي ثمن؟
*نقلاً عن "العربي الجديد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.