سؤال جاد أود طرحه على جميع الجنوبيين حول مايتعلق بالواقع الذي سنكون عليه عقب إنتزاعنا لإستقلالنا من الإحتلاليين المتوغلين في سادية ما قبل التاريخ وهم يمارسون علينا كل صنوف القتل والتنكيل والإبادة منذ أن دلفت أقدامهم القذرة أرضنا الطاهرة . السؤال الجاد هو : منذ متى كانت الثورات التحررية ترتاب من مستقبلها وتتوجّس من الإشاعات التي تروج لها القوى الإحتلالية حول شكل المستقبل الذي ينتظر هذه الثورة ، وكيف ممكن لناس مثلنا قاسوا وكابدوا وتمرغوا في جحيم هذا الاحتلال أن يقبلوا بمثل هذه الوساوس الخنّاسية الذي تصوّر مستقبلنا ما بعد التخلص من هذا الغاصب العابث بأنه سيكون سيّء وسوداوي و..و.. ؟! .
أليس في مثل هذا التشكك الذي يسوق له البعض في أوساطنا بحسن نية وبخبث من البعض الآخر مكمنه والمروَّج له الإحتلال نفسه الذي يئس من كل محاولاته لإخماد الثورة الجنوبية فلجأ إلى مثل هذا الإسلوب الخسيس بالإستعانة على قلَّة من العناصر الجنوبية الموالية له أثر مصالحها الضيقة . إن قلق الطيبين من أبناء الجنوب عما سيؤول إليه حالنا عقب إنتزاع إستقلالنا مشروع ، ولكننا نسأل في ذات الوقت أخواننا الطيبين هؤلاء : ماذا لو كانت كل الشعوب التي ترضخ تحت الإحتلال تستبق نتائج ثوراتها بمثل هذا التفكير القاصر هل كانت ستبلغ مراميها وتحقق إهدافها ؟! . بكل تأكيد أجزم أن الأمر لن يكون سهلاً لأن الشكوك بطبيعتها مربكة وقد تكون قاتلة أحياناً . وإني أسأل هنا كل الذين يساورهم الخوف من فترة مابعد إنتصار ثورتهم الجنوبية : هل كل ماتصرَّم من عمر الإحتلال في بلدنا الجنوب كان يفيض بالأمن والأمان والإستقرار والعيش الرغيد أم أنه كان يعُجّ بكل أشكال الرعب والإمتهان والتجويع والقتل والإذلال ومصادرة الحقوق وعلى نحو لم نر له مثيل ولا نستطيع عليه إحتمال . إن الممايزة بين عهد المحتل البغيض والعهد الذي سنكون عليه بعد إنتصار ثورتنا بمثل مايروّج له والذي بلغ لدى بعض السفهاء حد التحذير من أننا سندخل في دوامة من الصراع والإقتتال والعنف واللا إستقرار !! تُعد من أسخف السخافات التي سمعنا ونسمع عنها ، ومهما تكُن حجج أولئك البلهاء الذين يستجرون ماضي الأحداث المحزنة التي حدثت بين الجنوبيين والتي كان أمدها لايزيد عن بضعة أيَّام ثم تعود دولة النظام والقانون كما هي ويستتب الأمن والأمان لعامة الناس ، مع عدم الإنكار طبعاً أن تلك الأحداث المحزنه ً تُعد من الأخطاء الفادحة جداً ، ولكن الحق يقتظي القول أن تلك الأحداث على مابها من فداحة في حق شعب الجنوب فأنها لم تستمر إلا لايّام معدودة ، ثم أن الشعب الجنوبي قد تصالح مع بعضه وتعلّم كثيراً من تجربة الأكثر من عشرين عام وهو يكابد القتل والرعب والإمتهان والحرمان تحت الإحتلال كيف يراجع أخطاءه وكبواته فلايقع بمثل ما وقع من أخطاء ، لذا وجب أن نقول لكل المرجفون إخسئوا فشعب الجنوب أستوعب الدرس جيداً ولن يتراجع عن إنتزاع إستقلاله وإسترجاع دولته مهما كان الثمن .