في حادثة ليست الأولى من نوعها لقيت فتاة يمنية حتفها جراء تعرّضها لنزيف حاد ليلة زفافها.. وتأتي هذه الحادثة فيما تتصاعد أصوات استنكار في اليمن ومصر والسعودية رافضة هذه الظاهرة التي تواجه المجتمعات العربية. جاء في تقرير المستشفى الجمهوري في محافظة حجة اليمنية أن إلهام العشي التي تبلغ من العمر 13 عاما وصلت إلى المستشفى جثة هامدة، وأنها تُوفيت من جرّاء "تمزق شديد في أعضائها التناسلية".. فيما زعم الزوج، البالغ من العمر 24 سنة، أن "زوجته كانت تعاني الإعياء عندما تزوجها ولم يتمكن من معاشرتها. إلهام واحدة من آلاف الصغيرات، اللاتي يطلق عليّهن تعريف "عرائس الموت"، ممن يجبرن على الزواج رغم أعمارهن سنة لا تتجاوز الخمسة عشرة عاما. وحوّلت قضية الطفلة اليمنية نجود العلي، التي حصلت على جائزة "امرأة العام" سنة 2008، هذا العنف الممارس ضد الفتاة اليمنية إلى قضية رأي عام بعد أن طلبت الطلاق من زوجها الذي يكبرها ثلاثة أضعاف عمرها وقامت بنشر قصتها في كتاب. وبلغ عمر حوالي ثماني سنوات عندما تزوّجت. وكان مجلس النواب اليمني أقر تعديلا على قانون الأحوال الشخصية يحدّد سن الزواج ب 17 عاما للفتى والفتاة، إلا أن هذا التعديل قوبل برفض أوساط دينية وعشائرية. والزواج المبكر ظاهرة تنتشر في اليمن والسعودية وسوريا ومصر، خاصة في الوسط الريفي والقبلي، الذي لا يزال يحكم وفق تقاليد وأعراف لم يستطع القانون أن يحد من انتشارها. ووفقا للمركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة، فإن حوالي نصف الفتيات في اليمن يتزوجن قبل بلوغهن الثامنة عشرة من العمر، وهو أمر يزيد من خطورة الوضع في هذا البلد الذي يرزح تحت وطأة أعباء اجتماعية كثيرة، وحيث تقدر نسبة الأمية به ب 76 في المئة عند الإناث. وفي موريتانيا حوالي 51 في المئة من الموريتانيات يتزوجن قبل بلوغ 20 سنة، 24 في المئة منهن يزوجن في سن مبكرة جدا.. وتعتبر الجمعيات المهتمة بقضايا المرأة والطفولة أن الزواج في سن مبكرة خطر يتهدد حياة كل مراهقة في موريتانيا ويحرمها من التمتع بمختلف مراحل حياتها. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعي محمد ولد البكاي إن الزواج في سن مبكرة يحرم الفتاة من حقها، الذي منحه إياها الاسلام، في اختيار شريك حياتها، لأن العائلة تصادر هذا الحق، وتختار العريس بناء على عوامل اجتماعية ومادية مثل النسب والمركز الاجتماعي والمادي. ويصنّف هذا الزواج على أنه نوع من المتاجرة بالبشر، خاصة أن أهم الأسباب التي يقوم عليها هي الفقر.. ويؤكد علماء اجتماع ومختصون أن هذه الظاهرة باتت تشكل خطرا أكبر بعد أن تحوّلت إلى عمليات تجارية أشبه ب"النخاسة"، حيث يمتهن سماسرة الزواج في بعض الدول العربية مهنة المتاجرة بالفتيات القاصرات، مستغلين فقر بعض العائلات وإغراءات الأثرياء من طلبي هذا الزواج. وتشير دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر أن نحو 30% الفتيات القاصرات يتزوجن ب"مسنين عرب"، خلال أشهر الصيف، زواجا سياحيا مؤقتا.. رغم أن القانون المصري يمنع زواج الفتيات أقل من 18 عاما. ولئن كان الفقر، أحد أهم الأسباب لمثل هذا زواج القاصرات في اليمن وموريتانيا ومصر...، فإن اعتبارات أخرى تدخل في مثل هذه "الصفقة" في السعودية، على غرار الحفاظ على الميراث والنظر إلى الزواج على أنه "ستر" للبنت. وقد دان علماء دين وأكاديميون سعوديون هذه الظاهرة التي وصفها رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، الدكتور بندر بن محمد العيبان بأنها "انتهاك صريح وواضح لحقوق الإنسان". يذكر أن أصغر زوجين في العالم سعوديان، وذلك بعد أن تم زفاف فتى عمره 12 عاما إلى ابنة عمه التي لها من العمر 11 عاما. ومع توسع هذه الظاهرة تتعالى الأصوات منادية بضرورة حسم ملف تزويج القاصرات بتدخل حكومي قانوني تسانده فتاوى تبطل هذا الزواج وتقوض شرعية تلك الممارسات.