مباراة افتتاح دورة كأس الخليج العربي ال22 بين السعودية وقطر بدأت باكراً، خارج ملعب الرياضة داخل ملعب السياسة، فالفوز في مثل هذه الحالات خسارة للطرفين، والتعادل تحديداً هو بوابة المصالحة والاتفاق، والتنازل ليس دائماً ضعفاً، وفي مرات كثيرة يكون الطريق الوحيد الممهد للوصول إلى الهدف، والهدف الذي - وخلافاً للعرف في كرة القدم - سيكون سبباً في الفرح للطرفين. اليمنوالبحرين في ظروف ساخنة، في اليمن تطفو على السطح نزاعات الجماعات والقبائل، وفي البحرين تدّب في العمق خلافات الطائفية، وفي وقت مهم تأتي هذه الدورة باعتبارها فرصة لكل محب للبلدين أن يبصر اللون الواحد علم البلد وهوية الشعب، فجميعهم يسعون خلف غاية واحدة، في المقام الأول، تتلخص في أن دعواتهم لا تتعارض وأمنياتهم تتوافق.
الإمارات وعُمان الأكثر صحة واستعداداً، تحالفهما الحظ بأن لياقتهما النفسية وحالهما الفكرية في أفضل درجات الثبات على مستوى حياة المجتمع المدني، ولن تعني لهما البطولة أكثر من اختبار حقيقي لخططهما، وإلى أي مدى يمكنهما التيقن من جودة العمل الذي تقومان به، وفي حال خسرتا اللقب فإنهما بكل تأكيد رتبتا سلفاً كيفية تجاوز الفشل، والنهوض مجدداً.
العراق والكويت المواجهة الحادة، بلد يحمل في ماضيه إرثاً من العتب وطعنة في الظهر، بلد يعيش في حاضره متورطاً بدفع ضريبة كل من يتسيد السلطة ويربك الحركة ويحرف مسارها، يجتمعان في الرياض، وهذه مباراة وليست معركة، ولا يمكن نسيان الخطأ إنما من الضروري التجاوز، لأن الحياة وحق المجاورة والفوز في المقبل من العمر، يتطلبان حصة كبيرة من التسامح.
لتنطلق صافرة البداية، الخليج كله في العاصمة، ومهما ارتفع صوت من يقلل من بطولة الخليج، فإن صدى صوته يخذله ويخالفه، طالما أن اللعبة قدمت نموذجاً للوحدة الخليجية، فيجب أن تستمر لعل العدوى تنتقل للسياسة قريباً. *نقلاً عن الحياة اللندنية