استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    لجنة الدمج برئاسة الرهوي تستعرض نتائج أعمال اللجان الفنية القطاعية    إصلاح المهرة يدعو لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة أزمة الكهرباء بالمحافظة    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة العربيّة وأطوار التفتّت
نشر في عدن الغد يوم 12 - 01 - 2015

يشكّل انهيار الدول الوطنيّة ذروة مرحلة الفشل التي تصاب بها الدول، أو هي المخرج الطبيعي للإفلات من هذه الورطة، حيث يصبح هذا الحل أحد البدائل والخيارات الممكنة لمكوّناتها المختلفة، وتتحوّل حالة استمرار وحدة الدولة إلى نوع من الخيارات الانتحارية، ما يعطي حالة التفكّك الشرعيّة السياسيّة والجاذبية المقبولة لدى قطاعاتها الجماهيريّة، وفي بيئتها الإقليميّة والدوليّة، ومثلما تذهب الكيانات إلى صناعة الاتحادات والانصهار، ضمن بوتقة إقليميّة أوسع، لتقديرها أنّها تعمل على تقوية حضورها وتدعيم فرصها في المنافسة الدولية، فإن التفتّت أيضاً هو محاولة للبحث عن بدائل أفضل.

تقع غالبيّة معتبرة من الدول العربية ضمن هذه الوضعيّة الموصوفة، مرحلة التفتّت، وترجع أسباب هذه الظاهرة إلى الصراع الذي حصل بين الدّولة الوطنية ومكوناتها، وتحت شعاراتها، حيث تكشّف أنّها (الدّولة) الطّرف الأضعف لعدم امتلاكها مرتكزات مهمّة، أيديولوجيّة وقواعد جماهيريّة، حتّى من يدّعون تمثيلها ليسوا سوى أعداء لها منغمسين في هياكلها.
ولدى التدقيق في دينامية حالة التفتت تلك، يتبين أنّها تتم عبر ثلاث مراحل مترابطة ومتوالدة، كل مرحلة تنتج ما بعدها، فيما تلد الأولى من رحم فشل الدولة الوطنية في إنجاز استحقاقاتها السياسيّة والاجتماعيّة، وانحرافها عن أهدافها، فضلاً عن فشلها في إدارة علاقاتها الخارجية، وتفريطها في السيادة وتبعيتها لمراكز إقليميّة ودوليّة:
مرحلة الثورات الشعبية: بدأت بخفر عبر سبر أغوار قوّة النظم ومرتكزات الدّولة، والمفاجأة أنّ هذه الدّولة سرعان ما تكشّف حجم هشاشتها وعدم امتلاكها الأطر القادرة على استيعاب الحراكات الجماهيريّة، وتبيّن أنّها دولة مصادَرة من أنظمة. وفي قلب تلك الأنظمة، تقبع مراكز قوى صغيرة، هي التي تحرك الدّولة، وبتفكيك مراكز القوى تلك تفكّكت الأنظمة، كما في ليبيا وسورية واليمن والعراق. وفي دول أخرى، اكتشفت شعوبها هذا العطب الموجود في دولها، فعملت على إغلاق الجرح مؤقتاً، والتوقف عن الضغط، لكيلا ينهار الجسد بأكمله وتأجيل الحراك، أو إعادة تنظيمه بطريقةٍ لا تكون تداعياتها قاتلة، مصر وتونس والجزائر، والسودان إلى حد ما.
مرحلة تعيين المكوّنات: نشهدها بوضوح في سورية وليبيا والعراق واليمن، فقد انتهت المرحلة الأولى، وجراء طريقة إدارة الصراع فيها بشكل انتحاري من مراكز القوى، إلى نمط من الصراع الهويّاتي الذي ارتكز على بلورة الطوائف والأعراق والجهويّات، ما جعل الصراع يأخذ بعداً جغرافياً، تشكّل الجغرافيا بؤرته. وتتمثل تمظهراته في الصراع على خطوط الحدود وطرق المواصلات والمناطق الحيويّة ومناطق القلب، ويأخذ الصراع، في هذه المرحلة، لبوس الدفاع عن الدولة الوطنيّة، ما يجعل كثيرين لا يدركون حقيقة هذا الطّور الانتقالي، نظراً لغموض الشعارات والتباس المواقف، لكنّها مرحلة فصم خطيرة، عندما تصل إليها الأطراف، تكون الدولة الوطنيّة قد صارت جزءاً من الماضي. وفي هذه المرحلة، يحاول كل كيان ترتيب تموضعه وموقعه ضمن منظومة الكيانات الجديدة، فلا شك أنّه انتقال إلى بيئة جديدة، كثيرة الأعداء. لذا، يدخل ضمن مرحلة الصراع الثانية حساب ترتيبات بعيدة المدى، ولأن هذه المرحلة أخطر مراحل التشكّل، فإنّه، غالباً، ما تتخللها صراعات داخل كل مكون لظهور تيارات ورؤى متباينة في إدارة الصراع واختيار البدائل الأفضل.
إقفال الكيانات: والانغلاق ضمن الجغرافيا والحدود المتشكّلة وتعيين شبكات الأمان الإقليمية والدولية، بالانخراط في التحالفات السياسية والعسكرية، وإعلان الولاء وقبول الانتماء.
والسؤال البديهي: هل تملك جميع الأطراف المنخرطة في دينامية التفتيت هذا الوعي الاستراتيجي لما هو حاصل؟ الواقع ثمّة من يعمل، بشكل واع تماماً، بهذه الأهداف، وخصوصاً المكوّنات المرتبطة بإيران، والتي لم يعد سراً تنفيذها خرائط استراتيجية محددة، وثمّة من يحركه وعي غرائزي، مدفوع بغضب طائفي عصابي، مثل داعش ونظائرها المتشدّدة، وثمّة من يساق إلى هذه الخيارات، بل يظهر وكأنه يعمل على الدفع بها، مثل عامة الثوار في سورية، وهؤلاء هم من سيجري تحميلهم الوزر التاريخي لهذه التحوّلات، وهم من سيكون الخاسر الأكبر فيها.
ما هي طبيعة الكيانات المتوقع ظهورها؟ أغلب المؤشرات تفيد بإمكانية حصول كيان واحد، في كل حيز وطني، على صفة الكيانية، فيما يحيط به من كيانات فوضوية ضعيفة الترابط والتماسك، في ليبيا سورية اليمن وربما العراق، وقد صنعت إيران محوراً ارتكازياً ضمن هذا المشهد، تقع مكوناته في جنوب العراق والساحل السوري والساحل الجنوبي للبنان، ولم يكمل تشكّله في اليمن بعد. وتحاول مصر تثبيت كيان ما في الشرق الليبي.
هل يمكن وقف تمرحلات هذا التفتّت وتعطيل آلياته، وإعادة الأمور إلى ما قبل انهيار الكيانات الوطنية؟
ذلك يشترط إعادة بناء وعي مناسب، وبناء كتل اجتماعية وسياسية، تشكّل رافعة لوحدات وطنيّة كبرى، أي تشكيل حاضنة للدولة الوطنية، وإعادة صياغة مفهوم نمط جديد من الدولة يقوم على اللامركزيّة، وتوفر شبكة أمان إقليمية.
لكن، ثمة عوامل مساعدة على متابعة مسار التفتت، فالبيئة الدولية التي تنزع إلى الانعزال غير مستعدّة لتكلفة الانخراط في عملية وقف هذا التفتّت. لديها بدائل أقل تكلفة، من نوع إيجاد سياسات دفاعية، تحد من تأثير سلبيات التفتّت في العالم العربي عليها، ولا توجد بنية عربيّة، أو نظام قادر على وقف عمليّة التفتّت، لأنّها تحصل على جبهة عريضة، لا يمكن ضبطها، وهي تفوق قدرة النظام العربي، بإمكاناته الحاليّة، مع اتجاه الدول العربيّة أكثر إلى تبني سياسات داخليّة، وابتعادها عن الفعل الإقليمي.

* نقلاً عن " العربي الجديد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.