لم يبلغ بي من الغرور او النرجسية ما يدعيني الا ان اعد نفسي من مفكري الجنوب الذين لهم باع طويل في عالم السياسة وبحسب خبرتهم يستطيعون قراءة الواقع بشكل متقن وصحيح ولا اقول ان باستطاعتي تقييم الثورة الجنوبية بصورة معمقة وباسلوب اكثر نضجاً وعقلانية ، فانا مجرد شاب جنوبي لم يحصل على اياً من حقوقه وعلى رأسها حق التعليم مثلي والكثير من شباب الجنوب المساقون عنوة الى مساحات التيه وغياهب الضياع . في واقع الامر لقد نجح الاحتلال الى حد بعيد في تجهيل المجتمع الجنوبي ولا يزال بعض الشباب مغيبين عن واقع ما يحدث اليوم في الجنوب وكأن الامر لا يعنيهم في شيء في حين ان مستقبلهم مجهول وليس له ملامح تبشر بالتفاؤل وحاضرهم كئيب وينحدر نحو الهاوية وهم ينظرون اليه بنظرة الامبالاه .
وبالرجوع الى ايجابيات الثورة الجنوبية وسلبياتها فانا اعيد واكرر باني لا اعد نفسي من مفكري الجنوب ولكن تقييمي لها " اي الثورة الجنوبية " سيكون حسب وجهة نظري المتواضعة , فلا شك ان اي ثورة تقوم في بلد ما من بلدان العالم الا وتكون لها ايجابيات تحفزها على التقدم وتحثها على مواصلة السير على درب النضال وسلبيات تعرقلها وتحرف مسارها الذي قامت من اجله وقد اوردت لنا كتب التاريخ الكثير من التجارب الثورية فبعض الثورات تمسكت بايجابياتها وتخلت عن سلبياتها فكان لثوارها الظفر ونيل الحرية وتحقيق الاهداف التي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس من اجل تحقيقها بينما بعض الثورات حدث معها العكس وما كان من ثوارها الا ان عضوا اصابع الندم على ما لحق بثورتهم من سلبيات حالت دون الوصول الى تحقيق اهدافها النبيلة وقد قال احدهم في هذا الصدد " ان الشعب الذي يصنع نصف ثورة يحفر قبره بيده "
اما بالنسبة لثورة شعب الجنوب فهي مثلها مثل الثورات العالمية لها ايجابيات ولها سلبيات ومن اروع واعظم ايجابياتها مبدأ التصالح والتسامح الذي جسده شعب الجنوب بصورة رائعة تدل على نبل الاهداف الثورية " باستثناء القيادات " كذلك عزيمة شعب الجنوب واصراره على مواصلة النضال لاكثر من ثمان سنوات وخروجه للساحات والميادين بلا توقف ولا انقطاع ومطالبته برحيل الاحتلال بطرق سلمية يحتذى بها وايجابيات كثيره لا حصر لها لامسناها على مدى السنوات النضالية التي شهدتها ساحات وميادين الجنوب .
ولكن هناك سلبيات ظهرت بعد انطلاقة الثورة بفترة قد تكون مطبوخة في مطابخ الاحتلال لعرقلة الثورة وتغيير مسارها وتشتيت صفوف الاحرار الشرفاء او قد تكون سلبيات بغير قصد من قبل ثوار يعتقدون انهم يدفعون بعجلة الثورة الى الامام ، ففي كلتا الحالتين يجب التوقف عند اي عمل سلبي لا يخدم الثورة ووضعه تحت الميكروسكوب والاسراع في معالجته بعد ان يتم تشخيص السبب الحقيقي الذي ادى الى ظهوره .
وبما ان الحديث لا يزال عن سلبيات الثورة الجنوبية فليس باستطاعة اي جنوبي انكارها وهناك سلبيات كثيرة لا يتسع لها مقال في حال تطرقت لها ولكني ساتكفي في مقالي هذا بالحديث عن العمل السلبي الذي يرافق العصيان المدني اثناء قيامه في مدن الجنوب ، فالعصيان المدني هو عمل سياسي يواجه المحتل ويسعى لتعطيل مصالحه بطرق سلمية ولكن حسب ما اراه ان العصيان المدني الجنوبي غير منظم وفيه من الهوشلية ما يضر بابناء الجنوب اكثر مما يضر بالمحتل ومصالحه وقد يؤدي في اخر المطاف الى تصادم جنوبي جنوبي ان لم يتم التعامل معه بجدية واعادة النظر في كيفية تنظيمة .