للأسف الشديد هناك خطأ فادح يرتكبه الكثير من اعلاميي الجنوب ومثقفيه عندما يتحدثون في لقاءاتهم عبر المنابر الاعلامية بان شعب الجنوب كان شعب وحدوي ومحباً للوحدة اكثر من ابناء الشمال وهذه ليست حقيقة منصفة لشعب الجنوب ، ولا ادري ما هي الاسباب والدوافع التي تدفعهم للتحدث بمثل هذه الاكاذيب والافتراءات والمغالطات التي تنافي الحقيقة . اذا بحثنا بجدية في حقيقة هذا الامر لوجدنا ان الاغلبية من شعب الجنوب لم يكن وحدوياً في يوماً من الايام ولكنه رضخ لظروف قاسية واجبارية سلبت منه ارادته واخرست صوته فقد كان الحزب الاشتراكي قبل الوحدة الناطق الرسمي باسم الشعب المغلوب على امره وصوت لا صوت يعلو فوقه . لا اريد نبش الماضي لان مبادئ التسامح والتصالح دفنت مآسي الماضي البغيض واوجاعه ولكن اذا رجعنا الى الاحداث التي وقعت في الجنوب قبل عام 1990م لاتضحت الحقيقة التي اريد الكشف عنها كوضوح الشمس في رائعة النهار ، فالحزب الاشتراكي كان يدعي امام العالم بانه هو الجنوب والجنوب هو ، وكان يتعامل مع شعب الجنوب كما يتعامل الراعي مع قطيع من الاغنام وهذه حقيقة لن ينكرها الا جاهل او شخص لا تزال غباؤه التجربة الاشتراكية معشعشة في رأسه . ليس شعب الجنوب من كان يطالب بالوحدة مع العصابات القبلية والنظام الهمجي المسمى حينها بالجمهورية العربية اليمنية بل كان من يطالب بالوحدة معهم هو الحزب الاشتراكي والمتأثرين بتوجهاته السياسية ، وما الجماهير الجنوبية التي كانت تخرج وتتظاهر وتطالب بالوحدة الا وكانت مجبرة رغماً عن انفها " ومثلها مظاهرة تخفيض الراتب واجب " لكي لا تجد نفسها في دائرة الشبهات وتوضع في خانة الخونة والعملاء بتهم ملفقة وباطلة كما هي عادة الحزب وسياسته الهوجاء يلفقها على من لم يؤمن بنظرياته ومبادئه فالمؤامرة تفشل دائما وينتصر الحزب . فلو كان شعب الجنوب يمارس حريته وكافة حقوقه بشكل طبيعي ويعيش حياة كريمة في عهد الاشتراكي لكان رفضه لمشروع الوحدة رفضاً قاطعاً ، حتى انها قعت بطريقة اندماجية متسرعة غير مدروسة يعلمها القاصي والداني ولم يكن شعب الجنوب طرفاً فيها ولو كان كذلك لحصل على استفتاء شعبي قبل الاعلان عنها ، فقبوله بالوحدة كان هو السبيل الوحيد للهروب من جحيم النظام القمعي الذي حكم الجنوب بالحديد والنار ، فهل يعقل ان الشعب السعودي مثلاً يطالب بالتوحد مع اليمن وهو يعيش حياة كريمة بصرف النظر عن سياسة المملكة ونظامها . قد يقول احدهم ان الخوض في مثل هذا الامر ليس له من داع سأقول يجب الفصل بين السياسة الغبية التي كان يمارسها الحزب الاشتراكي قبل عام 1990م وبين الظروف التي اجبرت الشعب الجنوبي على القبول بالوحدة حتى يعلم العالم ان شعب الجنوب لم يكن يوماً وحدوياً ويتفهم لمطالباته بالتحرير والاستقلال بشكل واضح وسليم .