يثير عداء المتشددين للثقافة والآثار مخاوف الليبيين على تراثهم وهم يشاهدون ما يجري في العراق خاصة أن المجموعات المتشددة سبق لها أن هدمت أضرحة لأولياء صوفيين في أكثر من مدينة. وامتدت هذه المخاوف إلى علماء الآثار الذين يحذرون من أن خمسة مواقع أثرية في ليبيا تواجه خطر التدمير على يد مسلحين إسلاميين بعد اعتداءات تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدينتي نمرود والحضر الأثريتين العراقيتين. وليبيا، مثل العراق وسوريا، بها مجموعة نفيسة من المعابد والمقابر والمساجد والكنائس، ومن بينها خمسة مواقع على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو”. وهي تعيش تحت وطأة حرب أهلية معقدة يلعب تنظيم الدولة الإسلامية دورا بارزا فيها بحسب تقرير بريطاني. ونقلت صحيفة الأوبزرفر عن مصطفى ترجمان، المسؤول عن البحث الأثري بجامعة طرابلس أن “تراثنا في خطر ومن الصعب جدا حمايته”. وقال حافظ والدة، الذي سيتولى قريبا مهامه كنائب للسفير الليبي لدى اليونيسكو أنه و”بالنظر إلى ما يقوم به تنظيم داعش، فإن مبعث القلق الكبير أن يحاكي بعض الناس ما فعلوه في ليبيا”.
المتطرفون دمروا زوايا دينية في ليبيا
ولم تستهدف بعد المجموعات الموالية لداعش المواقع في ليبيا، لكن المسؤولين عن هذه الآثار يرفعون أصواتهم للتحذير من مصير مشابه لما يجري في العراق. ومن أبرز المواقع الأثرية الليبية مدينة لبدة الكبرى، وهي من أبرز المدن التي تعود إلى عصر الامبراطورية الرومانية، ومدينة صبراته ومدينة شحات، وهي من أقدم مستعمرات الامبراطورية اليونانية القديمة. وتوجد جنوبي ليبيا مدينة غدامس، وهي من أقدم المستعمرات في شمال أفريقيا، وتصفها اليونيسكو ب”لؤلؤة الصحراء”. وحذر محمد الجارح، الباحث الليبي في مركز رفيق الحريري لدراسات الشرق الأوسط من أن المواقع الأثرية الليبية باتت في خطر داهم من إمكانية توظيف داعش لها ضمن حملته الدعائية “على الرغم من أن المتشددين اعتادوا استهداف التراث الليبي منذ 2011”. وأضاف “بقايا الآثار الرومانية في صبراتة ولبدة هي الأكثر تعرضا للخطر نظرا لتمكن داعش من التمدد في مدينتي سرت وطرابلس، وهو ما وضعهم على مقربة من هذه المواقع المؤثرة”. ولا تشعر اساندر العمراني، مديرة برنامج شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، كثيرا بالتفاؤل إزاء إمكانية إنقاذ المواقع الأثرية الليبية، وتقول إن “التنظيم المتشدد سيسعى إلى مهاجمتها لتعزيز مفهوم قتاله ضد كل ما هو جاهلي”. وتضيف “داعش يحاول تحقيق مكاسب إعلامية تجلب له المكاسب العسكرية لاحقا، ورغم أن هذه المواقع في مأمن نسبيا، إلا أنه من الممكن أن يهاجمها مدفوعا بهذا المنطق”. وسبق أن دمر المتطرفون زوايا دينية ومراقد في مدينة زليطن ومصراته والبيضا بزعم أنها تتناقض مع الدين الإسلامي.