وددت أن أكتب لمن لايزال في جوفه (قلب) ولم يلغ السمع وهو بصير, وددت أن أكتب عن قبح ( الدعار) والفكرية والسياسية التي تًمارس صورها في أسقاع الوطن (الجنوبي)وبشتى الأساليب التي تنم عن القذارة والعشوائية والعدائية والتخلف الأنساني والسياسي لعل عسى دول التحالف العربي والمجتمع الدولي يعرف أن لامعنى للأنسانية والضمير والأخوّة في قاموس هؤلاء الذين لايجيدون سوى لغة السلاح والدمار والدماء .. سأكتب فقط لأن هناك الكثير من الأشياء الأنسانية في الجنوب تستدعي أن نقف عندها وسبر أغوارها لأصحاب النظارات السوداء والقلوب (الغلف) لعلهم يدركون حجم ذلك الألم , وعمق ذلك الجرح في الجنوب أرضا وإنسان بعد أن أحالوها دعاة الحرب وجنرالات الدم إلى أطلال نندبها وننشد زمان الوصل والأمن والأمان والسلام فيها, وبعد أن أن قضوا على كل شيء جميل فيها (حسدا) من عند أنفسهم وحقدا على بساطة وتلقائية وإنسانية أهلها وسماحتهم وبرآءتهم اللأمتناهية..
في الجنوب بات (الزعيم) المتعجرف المغرور (والسيد) المتدثر بجلباب الدين والدين منه براء يتفنون في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ويتلذذون في تعذيبهم وسماع أنينهم وصراخ ذويهم ويستعذبون شرب وسفك دماؤهم التي أرتوت منها أرض الجنوب وباتوا (يدكون) المنازل ويدمرون معنى الحياة في الجنوب ويسعون جاهدين لأن يحرقوا الأخضر واليابس ويبيدون الحرث والنسل بهمجية (الغازي) وحقد المنتقم..
أتوا من أقاصي الشمال (يحملون) بين ثناياهم وصدورهم نزعة العداء والأنتقام ونية (الخبيث) الذي أراد أن يستعيد أمجاده (الزائلة) وبطولاته ( المندثرة) على جثث أبناء الجنوب البسطاء وركام أرضهم التي لم تبخل يوما في أن تلتحم وتكون (نسيجا) واحدا مع دولة لاتعرف من الحياة سوى السلاح وهمجية القبيلة وسياسة المكر والخديعة والدسيسة واللف والدوران الوعود العرقوبية الكاذبة..
هم اليوم لا معنى للوجود الآدمي في حياتهم ولا يعينهم في أن تندثر آدمية الجنوب عن بكرة أبيها في سبيل أن (يتربعوا ) عرش السيادة وكراسي الرئاسة ويستأثرون بالثروات والخيرات ويتناصفونها دون حياء أو خجل كما فعلوا بالأمس القريب, وإلا فما معنى ذلك (العهر) الاخلاقي واللأمنطقي الذي يسيرون وفقه منذ أن شنوا (حربهم) الضروس في الجنوب وحصدوا الأرواح البريئة وسفكوا الدماء الزكية..
وقد رأينا بأم أعيننا كيف يدمرون ويدكون وبنسفون ويشردون الألاف من الأسر من منازلها بحجج واهية وأكاذيب والآعيب قذرة تدل على أنهم فعلا يحملون مشروع الدمار والتهجير والتشريد لأبناء الجنوب وقد نجحوا في ذلك فعلا, ولكنهم لم يتوقعوا أن يصتطدموا بشيء أسمه (العزيمة) الجنوبية والمقاومة الجنوبية التي قضت مضاجعهم وزلزلة أركانهم وبثت الرعب والذعر في دواخلهم وأرهقتهم كليا,ولعله الشيء الوحيد الذي لم يدركه هؤلاء حينما أرادوا إجتياح الجنوب وشنوا حربهم ضده..
نحن اليوم في الجنوب أكثر دراية ومعرفة بنوايا هؤلاء وبما يضمرونه من حقد وغل للشعب الجنوبي, وقد تكشفت لنا كل الآعيبهم وقذاراتهم وسياسيتهم النتنة التي حاولوا أخفائها سنوات طويلة, وبتنا ندرك تماما أن لا مجال لأن نكون كيان واحد معهم طالما وهم لايستخدمون معنا سوى لغة السلاح والدم,جل مانرجوه هو أن يدرك العالم أجمع أن هؤلاء ومن على شاكلتهم قتلوا كل شيء حاولنا أن نجبر أنفسنا على تقبله منهم رغم دناءته ورغم عدم توافقه مع أفكارنا وثقافتنا ومنطقنا, فهم أقرب للهمجية والعشوائية منه للعقل والمنطق والنضج..