قد تبدو كلمة المؤامرة في نظر البعض غريبة بعض الشيء ، ومعها عبارة الجنوب العربي ، ومتى داهمت الغرابة مشاعر المتلقي هنا فاعلم أنك بمعية " وحدوي " وأنك في تقييمه التلقائي " انفصالي " هذه المعادلة بديهية وتختزل الحكاية برمتها بحيث تضع المتحدث والمستمع في خندقين قاسمهما المشترك هو العداء ، ولأن المؤامرة هي الإبن الشرعي لغريزة العداوة فإنها التعبير الأكثر صدقاً عن استحالة ما سواها من مخرجات وحلول ، ولهذا كله نقف وجهاً لوجه مع إخوتنا في نظام لا أقول صنعاء لأنها سقطت في فم الحوثي ، ولا الرياض لأنها تمثل إقامة مؤقتة لعابر سبيل ، ولكن أقول لزعماء افتراضيين ليس لهم على الخريطة عنوان ، مجموعة يتزعمها هادي لا يوجد بحوزتها سوى يافطات كُتبت عليها عبارة ( للبيع أو التقبيل ) وهي لا تمتلك حق البيع والتقبيل إلا بقدر ما تمنحه لها دول الخليج من شرعية شبيهة بعلب الساردين المستورد ، ويحرص هادي على انتقاء عناصره ومستشاريه من الخامة الجنوبية ، وهي ضرورة تفرضها دواعي المؤامرة التي سبق التنويه إليها في مستهل هذه العجالة ، وظاهرة توحي بأن الجنوبيين هم من يحكمون اليمن وليس العكس ، هذه الجزئية يتفهمها دهاة السياسة في اليمن السعيد ويسمحون بتمريرها طالما وهي تخدم مصالح الشمال على حساب ما يسمى بالمحافظات الجنوبية ، تماماً مثلما يسمح بها رتل الجنوبيين المنضويين في فلك الوحدة لأنها تؤمّن لهم مستقبلهم السياسي المهدد بالإنقراض في حال فك الجنوب ارتباطه بالعربية اليمنية ليعود كما كان دولة مستقله ذات سيادة . وتصل هذه المؤامرة ذروتها عندما تستهدف شريحة المقاومة الجنوبية ، والتي يفضل إعلام هادي تسميتها بالمقاومة الشعبية لذات الغرض الرخيص ، هذه المقاومة التي حملت السلاح بهدف الدفاع عن الجنوب الأرض والإنسان والهوية ، ولم تضع في حسبانها شرعية هاري وبخاخ ، وإنما رفعت شعار ( يا جنوبي عللي الصوت استقلال والا الموت ) وسقط الشهداء بالمئآت كل شهيدٍ يتلوه شهيد ، وللشهادة تبعات من الألم والمعاناة التي تنيخ بثقلها على كاهل الثكالى والأرامل والأيتام ، أسَرٌ اصبحت تقاسي تحت سياط الوبال ، وتحتسب أجرها عند بارئها ، ومن المحزن أن يصادره الدنبوع مرارة هذا الحصاد بجرة قلم ، ويجاهر بوقاحة السفهاء ملوحاً بأوراق البنكنوت ، ويفتح باب الدعارة السياسية لمن شاء منهم أن ينخرط في سلك الجيش " الإنكشاري " المرتزق ، والممول خليجياً بسخاء يبشر بذات الحصيلة التي أنتجها في كل من ليبيا وسوريا كما نراه رأي العين . وتبقى الكرة هنا ليست في مرمى هادي ولا عاصفة حزمه التي تستبعد إرادة شعب الجنوب في الحرية والكرامة ، ولكن في مرمى الجنوبيين أنفسهم وتحديداً الغيورين منهم ، ممن لا تربطهم بنظام الإحتلال اليمني مصلحة ، ولا يطمحون إلى سلطة أو جاه . تحية في هذا الصدد نزجيها لفخامة الرئيس القائد علي سالم البيض ، ونُذكّر بأنه قد حان وقت الصخب المليوني لجماهيرنا في ساحات النضال السلمي ، وبحراسة يقظة من العيون الساهرة ، ونسترعي انتباه هادي إلى أن حركته الإلتفافية هذه خبرها ابناء الجنوب إبان حرب التحرير ضد المستعمر البريطاني حينما أوصى " السير هنري تريفليان " بفتح باب التجنيد في قوات ما كان يُسمى " الليوي " وكانت النتيجة مثلما يعلمها هادي وثلة ذلكم الرعيل انقلب السحر على الساحر ، وكان من الأمر ما كان ، فهل يعيد التاريخ نفسه ؟!
همسة : لقد هان عليكم الجنوب فاستسهلتم تقديمه لقمةً سائغة إلى عتاولة الفيد ، ولم تراعوا مصالحه بقدر ما راعيتم مصالح الأطراف المتربصة به ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .