الطفولة المعذبة التي توجد في مواقع الحروب والصراعات في أكثر من بلد بمنطقتنا العربية لا تجد الاعتبار الكافي لتجنيبها ويلات الموت الذي يتطاير فوق رؤوس الأطفال ويسلبهم براءتهم وحقهم الطبيعي في الحياة الآمنة والمستقرة، وذلك يمكن النظر إليه ببساطة حين لا نجد تفاعلا مناسبا من المؤسسات والجمعيات الخيرية العربية في العناية بالأطفال تحديدا، بغض النظر عن حملات الإغاثة العامة للاجئين والمشردين، وحين نجد المنظمات الدولية معنية بالرعاية بما يفوق منظماتنا، فإن هناك خللا مؤكدا في الدور الإنساني الذي تقوم به. في آخر إحصاءات وتقارير منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) عن خطورة الأوضاع التي يعيشها الأطفال في اليمن، ذكر التقرير أن الحرب في اليمن دمرت الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال، والأسوأ الإشارة إلى أن نحو عشرة ملايين طفل يشكلون نحو نصف عدد سكان اليمن يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وأن أكثر من نصف مليون من النساء الحوامل موجودات في المناطق الأكثر تضررا، وهن أكثر عرضة للولادة أو مضاعفات الحمل ولا يستطعن الوصول إلى المرافق الطبية. وحين نتجه مع تفاصيل التقرير نصل إلى أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر للصراع في اليمن، حيث يتعرضون إما للقتل وإما للإصابة، إضافة إلى خطر تعرضهم للأمراض وسوء التغذية والتشريد، وحذر أيضا من أن نحو 2.5 مليون طفل معرضون لتهديدات متزايدة من الأمراض وسوء التغذية هذا العام، إضافة إلى مليون طفل أصيبوا بأمراض سوء التغذية العام الماضي، وتلك المعطيات تتطلب جهدا إنسانيا للمنظمات التطوعية، بحيث يمكنها أن تتعامل مع واقع هؤلاء الأطفال بعيدا عن مجريات الحرب التي يمكن أن تتخللها أكثر من هدنة إنسانية لأجل إغاثة الأطفال فقط من خلال توفير الأدوية المنقذة لحياتهم وتوفير احتياجاتهم الغذائية وأن ينظر أطباء متخصصون خاصة في الحالات الوبائية المحتملة. من المهم أن يجد أطفالنا في اليمن وسوريا والعراق الظروف المحايدة خلال الصراع والحرب التي تجعلهم بمنأى عن خطر الموت والحياة القاسية التي يتعرضون لها في ظل هذه الأوضاع المأساوية، وفي كل الحروب كان هناك ضحايا مدنيون وظلت توجد فرص لتجنيبهم القتل الخطأ بصورة مباشرة وغير مباشرة، ولكن لم توجد الإرادة لذلك، ولعلنا حين نقول أطفالنا في هذه الدول لأنهم بالفعل جزء منا، ومن الخطأ وضع براءتهم في سلة الحرب المدمرة لطفولتهم، بل يجب أن تكون هناك معسكرات داخل دولهم بعيدا عن مناطق القتال تحت رعاية وإشراف عربي ودولي، على أن تخدمهم المنظمات الخيرية والإنسانية المدنية حتى يبقوا داخل أرضهم التي نشأوا فيها. خسارة الطفولة بهذا المستوى الكارثي يجعل أجيال عربية كاملة تعاني نفسيا وذهنيا لأعوام وأعمار قادمة، وتدفع ثمنا باهظا لحرب لم يكونوا طرفا فيها، ومهما كانت المبررات لها فهم يجب أن يظلوا بمنأى عن ويلاتها وتداعياتها وتبعاتها، وذلك يحدث بنشاط حقيقي للمنظمات الإنسانية، والتعامل بقوانين الحرب التي تسمح بهدنة غير قابلة للاختراق بحيث تصل المساعدات لهؤلاء الصغار، ولا توجد حرب تحرق الأطفال حتى ينتصر فيها طرف على آخر، ذلك يصبح قتلا ممنهجا ينبغي أن يخضع للمحاسبة، وأطفال اليمن يتم حرمانهم من حقهم في الهدنة التي توصل لهم احتياجاتهم، ويسأل عن ذلك جماعة الحوثيين الذين لا يتوقفون خلال الهدنات الإنسانية عن القتال، بل يميلون إلى توظيفها عسكريا لضرب مواقع لم يكن ليصلوا إليها وذلك استغلال بشع وإهدار لحيوات الأطفال ما يجعلهم وحوشا ينبغي على المجتمع الدولي وضع حد لدمويتها وتهديدها لسلامتهم. كاتبة سعودية