تحرير العاصمة اليمنية صنعاء عبر الحسم العسكري يتصدر سيناريوهات الإطاحة بتحالف الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح غير أن صعوبات كبيرة في انتظار الإقدام على هذه الخطوة ومنها مخاوف من إمكانية تجييش الحوثيين لقبائل طوق صنعاء ضد المقاومة الشعبية لإبطاء عملية اقتحامها للعاصمة. يواصل الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية التقدم نحو العاصمة صنعاء بشكل متسارع تحت غطاء جوي من قوات التحالف العربي في الوقت الذي يضيق فيه الخناق على الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أكدت مصادر العرب أنه انخرط بشكل كامل في تفاصيل الحرب التي باتت على بعد 20 كم تقريبا من العاصمة. وكشفت مصادر ل”العرب” عن تصاعد الخلاف بين الحوثيين وصالح إثر إصرار الأخير على سحب قوات الحرس الجمهوري -التي لا تزال تدين له بالولاء- من المواجهات في تعز ونقلها للمشاركة في معركة صنعاء. ووفقا للمصادر يتهم الرئيس صالح حلفاءه الحوثيين بالفشل في إدارة المعركة والاعتماد على القيادات العسكرية في الجماعة التي تنقصها الخبرة وتهميش قيادات الحرس الجمهوري خوفا من انقلابها على سلطة الحوثيين تحت أي صفقة قد يعقدها صالح المشهور بالانقلاب على حلفائه. ويذهب محللون عسكريون إلى أن تحرير العاصمة صنعاء بات في حكم الحتمي وفقا للمعايير العسكرية والاستراتيجية. ويرجح الخبراء العسكريون أن يتم تحرير العاصمة اليمنية من قبضة الحوثيين وقوات صالح من خلال ثلاثة سيناريوهات. وأشار محللون عسكريون ل”العرب” إلى أن السيناريو الأول، وهو الأقل ترجيحا، يذهب إلى حدوث حالة انشقاق عسكري كبير من خلال التحاق عدد من الألوية والمعسكرات التابعة للحرس الجمهوري بقوات الجيش الوطني خصوصا أن تلك الألوية عانت كثيرا بسبب تهميشها من قبل الحوثيين الذين تعاملوا معها وفقا لنظرية الشك وانعدام الثقة. ويتضمن هذا السيناريو كذلك إعلان القبائل السبع التي تسمى قبائل طوق صنعاء تخليها عن الحوثيين وتأييدها للحكومة الشرعية. ويلخص محللون سياسيون وخبراء عسكريون تحدثوا ل”العرب” السيناريو الثاني في حدوث انهيار ذاتي للحوثيين وحليفهم صالح، حيث بات الحليفان يرزحان تحت ضغط هائل وانعدام في الخيارات وشح في الإمكانيات العسكرية والمالية في ظل تدهور غير مسبوق في الاقتصاد اليمني. ويؤكد المحللون أن تفكك عوامل القوة المالية مع استمرار تقدم المقاومة الشعبية في عدد من المحافظات التي باتت بمثابة نقاط استنزاف هائلة لموارد الحوثيين البشرية والعسكرية سيعجل بنهاية الانقلاب. ويذهب الخبراء والباحثون إلى ترجيح السيناريو الثالث الذي يتضمن كل العوامل السابقة مجتمعة مثل تراجع معنويات الحوثيين وقوات صالح وتقدم الجيش الوطني نحو صنعاء، وهو الأمر الذي يبدو أنه بات وشيكا بالفعل، إضافة إلى مؤشرات انضمام عدد من القبائل المحيطة بالعاصمة والمعروفة بالعداء للحوثيين مثل “أرحب” إلى صفوف المقاومة الشعبية وإعلان قبائل أخرى حالة الحياد الإيجابي، وهو الأمر الذي يخشاه الرئيس السابق. وأكدت المصادر أن صالح يتواصل مع زعماء قبائل طوق صنعاء بشكل مستمر في الآونة الأخيرة من أجل ضمان عدم انضمامهم إلى المقاومة الشعبية. ويؤكد خبراء أن حسم معركة صنعاء عسكريا هو أكثر السيناريوهات تكلفة نظرا لطبيعة الحوثيين العقائدية التي تنظر للحرب على أنها قضية حياة أو موت، كما أن هذا السيناريو قد يتسبب في إطالة أمد الحرب ربما لشهور أخرى قادمة حتى اكتمال الحصار على العاصمة وفتح جبهات جديدة. ويرجح نجيب غلاب رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات فرضية الحسم العسكري مع غياب ما وصفه بأنه مؤشرات واضحة للتنبؤ بأن صنعاء سيتم تسليمها سلميا بعد أن “تحولت في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 إلى رهينة بأيدي ميليشيات انقلابية ترى صنعاء آخر ملاذ آمن لها وترى أن تحريرها يعني سقوطها المريع. ويضيف غلاب “الحوثيون وصالح يخططون اليوم لتحويل المحيط القبلي إلى سياج لحماية تلك الجماعات التي سقط مشروعها ولم يعد من خيار إلا تحويل صنعاء وتلك القبائل إلى أدوات ضاغطة لتحقيق أهداف في لعبة تفاوضهم”. ويرى المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، الذي يؤيد فرضية السيناريو الثالث أن معركة تحرير صنعاء ستتكئ أكثر على البعد العسكري وعلى موازين القوى العسكرية الحاسمة وعلى التفتيت المستمر لقوة الانقلابيين وتدمير تحصيناتهم الدفاعية. ويلفت التميمي إلى أن السيناريو العسكري ستكون له أيضا أذرع سياسية واجتماعية واقتصادية، بهدف تهيئة الأرضية لجعل محيط صنعاء أكثر تقبلا لفكرة الخلاص من الميليشيا والانقلابيين.