اختزلت ست ساعات من الاشتباكات المسلحة المتصلة التي اندلعت أول أمس بين القوات الأمنية والعسكرية اليمنية ومجاميع قبلية مسلحة تابعة لشيخ مشائخ قبيلة حاشد، كبرى القبائل اليمنية في الجزء الشمالي من العاصمة صنعاء، مشهد الحرب الأهلية التي باتت تمثل هاجساً مؤرقاً للكثيرين في اليمن . ضراوة الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة وانحصار نطاق اندلاعها في المناطق الأكثر كثافة سكانية في العاصمة، أثار المخاوف الكامنة لدى الكثيرين من سكان صنعاء من تكرار وشيك لذات مشاهد الرعب والفزع الجماعي الذي أثارته قبل ما يقدر ب 18عاماً تعرض أنحاء متفرقة من العاصمة لقصف بصواريخ “سكود” من قبل قوات موالية للأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني في حرب صيف 1994 . الظلام الدامس وأصوات الدوي المكثف للانفجارات ولعلعات الرصاص الحي لساعات متصلة فرض على العاصمة صنعاء وسكانها أجواء غير مسبوقة من الترقب والتوجس والتعايش القسري مع ليلة ممتدة استعادت معها الكثير من الأسر ذكريات لزجة لمساءات تخضبت بلون الدم وعربد الخوف والجزع في الشوارع والأحياء الآمنة . ووصف صالح عبدالرحمن الحيسي، ويعمل مدرساً في إحدى المدارس الثانوية القريبة من منطقة سكنه بحي الحصبة الاشتباكات العنيفة التي شهدها عدد من المناطق التابعة لمديرية “الحصبة” التي تعد الأكبر مساحة والأكثف سكاناً بين مديريات العاصمة صنعاء، بأنها أشبه ب”بروفة” للحرب الأهلية المتوقعة نتيجة تصاعد الاحتقان السياسي عقب انهيار مساعي الوساطة الخليجية برفض الرئيس صالح التوقيع عليها . وقال: “خلال الأيام السوداء التي تخللت حرب صيف 1994 كنت أقف وحولي أولادي وعائلتي وراء النافذة لأرى صنعاء غارقة في الظلام نتيجة انقطاع الكهرباء وأترقب بخوف سماع دوي انفجار ناجم عن سقوط صاروخ جديد على أي من أنحاء العاصمة، وكنت أتضرع لله تعالي ألا يكون موقع سقوط الصاروخ القادم من “معسكر العند” على المنطقة التي يقع فيها منزلي بحي مسجد النصر، لم أكن استطيع مغادرة البيت لأتخلص من مخاوفي ولا النزوح مع عائلتي وأولادي إلى الشارع العام أو الانتقال إلى منزل احد أقاربنا في أطراف العاصمة، صنعاء كلها كانت غير آمنة، وهذا الشعور ينتابني الآن مجدداً، بعد نهار وليلة الاثنين والمعارك التي وقعت بين قوات الدولة وحراس منزل الشيخ الأحمر، اشعر أن هذه المدينة ستعيش قريباً ذات الظروف وأن الحرب فعليا على وشك الاندلاع، وأننا سنرجع مرة أخرى للوقوف في الظلام خلف النوافذ والدعاء إلى الله أن يلطف بنا وبأولادنا وعائلاتنا” . الانشقاق الطارئ في الجيش وانحسار سيطرة الدولة على العديد من أحياء العاصمة صنعاء والتوافد المتزايد لمجاميع قبلية مسلحة إلى أحياء وشوارع العاصمة سواء للمشاركة في لجان الحرس الشعبي المشكلة من قبل الحزب الحاكم للاضطلاع بمهام دعم الحراسات الأمنية والعسكرية المفروضة على المؤسسات والمنشآت الحكومية، أو لتعزيز الحراسات الخاصة على محيط منازل بعض المشائخ والوجاهات القبلية النافذة والمناهضة للنظام القائم، دفع إلى الواجهة بحالة غير مسبوقة من التهافت اللافت على اقتناء الأسلحة الفردية من قبل العديد من أصحاب المحال والمعارض التجارية وحتى مقاهي الانترنت، لمواجهة أي تهديدات محتملة من قبيل التعرض لعمليات نهب أو سطو مسلح على محلاتهم في ظل حالة الانفلات الأمني المتفشية في العاصمة وتفشي ظاهرة حمل السلاح في الأماكن العامة كتجسيد لواحدة من أسوأ تداعيات الأزمة السياسية القائمة . تداعيات الاندلاع المفاجئ لاشتباكات محدودة في جزء من العاصمة صنعاء امتدت لتشمل معظم أنحاء المدينة لتشهد شوارع تجارية كشارع علي عبدالمغني بوسط العاصمة وشارع تعز وشارع الرباط إغلاقا شبه تام للمحال والمعارض والأسواق الخاصة لاعتبارات تتعلق بالمخاوف من عمليات نهب وسطو محتملة . بريطانيا تأسف لرفض الرئيس اليمني توقيع اتفاق السلام أبدى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط ألستير بيرت أمس الثلاثاء أسف حكومة بلاده لاستمرار الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في رفض توقيع اتفاق السلام بوساطة من مجلس التعاون الخليجي . وقال بيرت “إن استمرار الرئيس صالح في رفض التوقيع على اتفاق السلام مسألة تثير أعمق الأسف بالنسبة للمملكة المتحدة، وهو معزول الآن من القادة في حزبه ومن المعارضة التي اظهرت التزامها بالانتقال السلمي للسلطة” . واعتبر أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي “تمثل أفضل فرصة لتحقيق تسوية سلمية للأزمة السياسية في اليمن” . وحذّر من أن “تنصل الرئيس صالح بصورة متعمدة من توقيع اتفاق السلام يخاطر في اثارة التوتر في وقت ينبغي أن يتم فيه توجيه جميع الجهود للتصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الخطيرة في اليمن” . ورحّب بيرت بجهود الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني لتحقيق حل سلمي للأزمة في اليمن، وأدان محاولات عرقلة مهمته بما في ذلك محاصرة سفارة الإمارات من قبل متظاهرين مسلحين موالين للرئيس صالح .(يو .بي .أي) الاتحاد الأوروبي يؤكد التزامه بعملية سياسية تشمل جميع اليمنيين دان الاتحاد الأوروبي فشل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في التوقيع على المبادرة الخليجية رغم اتفاق جميع الأحزاب السياسية عليها بما فيها الحزب الحاكم والجهود الحثيثة التي بذلها مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتأييد الاتحاد الأوروبي الكامل لها . وقال وزراء خارجية الاتحاد في بيان صدر عن اجتماعهم مساء أول أمس الإثنين إن الاتحاد الأوروبي يقدر الرد البناء من قبل المعارضة على هذه المبادرة وسيبقى ملتزماً إزاء عملية تشمل الجميع وتصب في مصلحة الشعب اليمني . ودعا الوزراء الرئيس اليمني إلى الوفاء بالتزامه نحو نقل السلطة الآن، ودانوا فشله وفشل قوات الأمن اليمنية في توفير ممر آمن للدبلوماسيين للخروج من سفارة الإمارات في صنعاء يوم الأحد الماضي ومن بينهم الأمين العام لمجلس التعاون والسفيران الأمريكي والبريطاني، واعتبروا ذلك منافياً لمسؤوليات اليمن تحت اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية .(وام)