طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    الجيش الباكستاني يعلن تعرض البلاد لهجوم هندي بعدة صواريخ ويتعهد بالرد    أكثر من 80 شهيداً وجريحاً جراء العدوان على صنعاء وعمران والحديدة    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الخارجية الإيرانية تدين الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    التحالف والشرعية يتحملون مسئولية تدمير طائرات اليمنية    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية العسكر في مصر بين البقاء والزوال (الجزء الثاني)
نشر في عدن الغد يوم 20 - 08 - 2016

لازلت اكرر لحضراتكم ان هذا العمل اقرب الي الورقة البحثية يقبل الخطأ او الصواب مقتنعاً بقول جان جاك روسو في ( العقد الاجتماعي ومبادئ القانون السياسي ) :- ( ان الشؤون السياسية هي شؤون عامة لذلك من حق اي مواطن أن يقول رأيه فيها ).
ومؤمنا بان السيادة للشعب بغير منازع والحكومة والنظام سلطة تنفيذية يعهد بها الشعب لمن يشاء بمحض أرادته ويتراجع عنها متي يشاء .
ولما كانت المشروعية القانونية هي عنوان احترام الشعب للسلطة واحترام السلطة للشعب من خلال الالتزام بحرفية تطبيق القانون علي الكافة بلا تمييز او استثناء حتي يستقيم كيان المجتمع وتنتظم الروابط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وان تنزيل العقاب يجب ان يكون علي كل من يخالف بغض النظر عن مكانته أو قيمته السياسية أو الاجتماعية ولا مكان للتمييز أو المحسوبية هذا هو الأصل والأساس لقيام الدولة التي تحترم أبنائها ويحترمها العالم وتكون موضع تأثير وفاعلية .
وهوما لم يفعله مبارك أو مرسي أو السيسي علي الأطلاق وإن كان علينا ان نتذكر ان السادات هو اول من ألقي مصر في أحضان صندوق النقد الدولي وان مبارك قد تفحش في هذا ورضخ لسياساتهم وإملاءاتهم التي لا تخدم احد سوي الرأسمالية العالمية .
وبدء في خصخصة المصانع والشركات الكبرى وتشريد العمالة مع ايداع الايرادات في خزائن وبنوك الغرب بأسماء مبارك وأولاده وزوجته وبأسماء كبار رجال السلطة لتكتشف مع 25 يناير 2011 حجم الاموال المهربة يتجاوز 135 مليار دولار .
ليس هذا فقط سببا في سقوط شرعية مبارك ومجلسه ولكن لتبعات أخري منها :-
( تصدر مصر المركز الأول في الإصابة بأمراض الاكتئاب ، وصار في مصر 48 مليون فقير منهم مليون ونصف يعيشون في المقابر ( تقرير جهاز التعبئة والاحصاء ) ، وصارت مصر تحتل المركز الأول في تعيين الأقارب والأصدقاء الوساطة والمحسوبية ( تقرير التنمية التنافسية ) ، وصارت مصر من أعلي دول العالم فسادا ( تقرير التنافسية العالمية ) ، وفي مصر أعلي معدل وفيات اطفال في العالم 50 طفل لكل 1000 مولود ( التعبئة والاحصاء ) و في مصر 10 مليون عاطل بين سن 15 / 29 سنة وذلك دون حساب معدل البطالة المتوفر من سن 29 حتى 40 سنة ، في مصر 9 مليون شاب و شابة تخطو سن ال 35 دون زواج بمعدل عنوسة 17% ، وصار نصف أطفال مصر لديهم انيميا و8 مليون شخص مصاب بالسكر و9 مليون شخص مصاب بفيروس سي ( مديحة خطاب لجنة سيات الحزب الوطني ) وكذلك من أعلي معدلات الإصابة بأمراض السرطان من الخضار والفاكهة المسرطنة و الالتهاب الكبدي الوبائي والفشل الكلوي من تلوث المياه والهواء والطعام ، غير القتل والتعذيب من أجهزة الشرطة ، غير احترافية تزوير الانتخابات سواء البرلمانية أو المحلية أو النقابية أو اتحادات الطلاب مع إفساد القضاء والعدالة ، هذ جزء من كثير جدا بمعني اًخر جفت الحياه في مصر فلم يعد هناك معني أو هدف لأي عمل ولا نظرة أمل وصارت الدولة وشعبها يتنفسون ذلاً ومهانه وفقراً وطبقية بغيضه .
وظن العسكر ومواليهم من الشرطة والقضاء وخدامهم من الأعلام والتابعين لرجال النفوذ من الحواشي سادة البشر وهم المختارون لظلم واستعباد الناس .
إلي أن جاءت ثورة 25 يناير 2011 لتمنح الدولة المصرية شرعية جديدة وقبل الحديث عنها علينا أن نتوقف أمام مفهوم الشرعية من وجهة نظر د / خميس والي ( في كتاب إشكالية الشرعية في الأنظمة السياسية العربية – بيروت – مركز دراسات الوحدة العربية اطروحات الدكتوراه الطبعة الاولي 2003 )

وفيها يري ان الشرعية مرتبطة بتحقيق الحد الأدنى من :- ( السيادة - المساواة التي تخلق وتبعث الشعور بالوطنية - العدالة الاجتماعية - ويمكن ان تقاس من خلال تحقيق سلامة اراضي الدولة ووحدتها الاقليمية وسلامة وامن مواطنيها واستقلالية القرار السياسي للدولة في الخارج واعتباره انعكاسا لرغبات المواطنين في الداخل ومحافظا علي قيمهم ومعتقداتهم وساعية الي تطويرها مع تحقيق معدلات متنامية من التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كافة مستويات :- الدخل – الصحة – التعليم – المشاركة السياسية .......)
وهذا يفسر لنا اسباب سقوط مبارك ومجلسه العسكرى من بعده ، ويفسر لنا لماذا ارتضي المجلس العسكري بمساندة 25 يناير 2011 نسبياً للتخلص من جمال وأبية وزوجه والحفاظ علي الكيان العسكري بشرعية جديدة تعيد لهم ملكهم وتحافظ علي مناصبهم وأموالهم ثم يبدأ مسلسل التآمر علي الثورة الوليدة والتخلص منها نهائياً .
وهنا نتوقف قليلا لتوضيح الفرق بين الشرعية والمشروعية من الناحية القانونية في هذا :-
فالشرعية :- هي ان يستند نظام الحكم القائم الي سند قانوني يستمد منه وجودة وهي تختلف باختلاف المصدر اما ( دستور – او اعلان دستوري بعد حاله ثورية – او قانون في حالة عدم وجود دستور ) .
أما المشروعية :- فهي اكتساب النظام لرضا غالبية الشعب حتي وإن لم يكن يستند إلي سبب شرعي لوجوده وهذا في الغالب يُبني علي جوانب عدة منها ( القرارات السياسية و الاقتصادية والادارية والاجتماعية ).
ومعني هذا أن هناك سلطة لديها الشرعية والمشروعية معاً ، وأخري لديها شرعية ولكنها تفتقد للمشروعية ، وثالثه غير شرعية ولكنها تتمتع بالمشروعية ( الحالة الثورية ) ، ورابعه غير شرعية ولا تتمتع بالمشروعية ( الانقلاب ) .
وهذ التوضيح القانوني أجده موضوعياً ليفسر لنا ماذا حدث علي ضوء معرفة الوضع القانون لنظام مبارك وللمجلس العسكري من بعدة ولنظام الاخوان من بعدهما ولنظام السيسي الآن .
وعليه بعد تنحي مبارك عن الحكم تصرف المجلس العسكري باستدراج الشعب والثورة عاطفياً بإعطاء التحية العسكرية من أحد قادة المجلس لشهداء الثورة لتنتقل الشرعية الجديدة للمجلس الذي كان يجب أن يتم الإطاحة به فهم عدو الثورة الأول .
وهذا يُبرر في العلوم السياسية والقانونية ( بشرعية الظرف التاريخي ) الذي يُبرر مؤقتاً التغاضي عن ضرورة كون السلطة السياسية مستندة الي أسس حقيقية من رضاء المحكومين بها بهدف ملئ فراغ الشرعية .
ثم سعوا وأسرعوا في إجراء تعديلات دستورية علي عشرة مواد دستورية في دستور 1971 حتي يكون صالحاً لاستخدامه فيما عرف ( باستفتاء 19 مارس 2011 ) محققين اكثر من هدف:-
أولاً :- الحصول علي شرعية دستورية برضاء شعبي بديلا ًعن شرعية الظرف التاريخي .
ثانياً :- اعادة الحياة لدستور 1971 بعد سقوطه بثورة 25 يناير .
ثالثاً :- بدء تقسيم المجتمع المصري والقوي الثورية تقسيم أيديولوجي قبيح يتيح الاختلاف
( اخواني – ليبرالي – علماني – يساري .... ) .
رابعاً: - استنفار الناس باستشعار الخطر الدائم حول عقيدة هذه الأمه الدينية وإثاره الشبهات حول المادة الثانية من الدستور المتعلقة بدين الدولة وزيادة تقسيم المجتمع دينيا ( مسلم – مسيحي ).
خامساً :- الإعداد والتدبير لوأد الثورة ببطيء و بتواطؤ المشاركين فيها علي أثر تعزيز الخلافية الأيديولوجية بينهم .
سادساٍ :- أتباع نهج ( سياسه افتعال الأزمات ) وتأجيجها لبث الرعب في الكتلة التصويتية الكبرى في مصر المعروفة ( بحزب الكنبة ) الذين لا يتحركون إلا في الأعمال السلمية الانتخابية .
وعلي أثر ذلك تم توجيه الرأي العام لانتخاب احمد شقيق أحد العسكريين القدامى وأحد أهم رجال مبارك للحفاظ علي العسكر ولعدم مسألة مبارك وفلوله إلا أن تكتل شباب الثورة وكثير من الليبراليين خلف محمد مرسي وتجمعهم في ميدان التحرير حال دون نجاح شفيق لأن ذلك يعني اقتتال أهلي بين المجلس العسكري والثورة بعناصرها فجاء محمد مرسي رئيساً للبلاد من قبل جماعة دينية لأول مرة في تاريخ مصر .
ولأني لا أرغب في الوقوف أمام شرعية محمد مرسي وكيف سحبت منه إلا أن الإخوان أنفسهم هم أحد أهم أسباب زوال مشروعية محمد مرسي للآتي :-
1- سيطرة مكتب الارشاد علي القرار السياسي .
2- الاخوان حين تحالفوا مع العسكر وتم أستدرجهم لهذا الفخ لحمايه المجلس العسكري بقيادة طنطاوي وعنان في جمعة قندهار وشعارها ( يا مشير انت الأمير ) وهو ما عزر الانقسام الثوري.
3- بعدما جاء مجلس الشعب منتخبا من جماعة الاخوان والتيارات الدينية واعتراض شباب الثورة علي سياسات المجلس العسكري تخلي الإخوان عن شرعية الثورة بقولهم ( الشرعية للبرلمان وليست للميدان ) وهوما يعني قتل احد أهم الأسباب التي أتت بالإخوان علي الحكم .
4- لا أنكر ان هناك مؤامرة تمت من قبل المجلس العسكري علي الإخوان للقضاء علي شرعية محمد مرسي من خلال أتباع ( سياسه افتعال الأزمات ) إلا أن هذا لا يعفي جماعة الإخوان ولا اعضاء مكتب الإرشاد من المسئولية السياسة والتاريخية عن ذلك لأنهم الفصيل السياسي الوحيد في مصر الذي مر بتجربة عنيفة مع العسكر في الستينات ومن المفترض إنهم أكثر الناس خبرة بما يصنع ويحاك من العسكر ولكن طمعهم في السلطة والرغبة الجامعة في الاستئثار بالحكم ورفضهم لأى صوت معارض حتى لو كان ناصحاً جعلهم يتناسون أدبيات بالغه للأهمية من أدبيات الجماعة تجاه العسكر بالإضافة إلي حالة العته السياسي التي يتسمون بها .
وفي 30 يونيو 2013 خرج الناس في مصر ضد جماعة الاخوان لعوامل عدة منها ما هو منطقي وجاد سياسيا ومنها ما تم نتيجة مؤامرة المجلس العسكري ساعد في نجاحها سلبية وغباء جماعة الإخوان وعجزهم عن إجهاضها ومواجهتها .
وربما أحداث الانقلاب الفاشل في تركيا يوم 16/7/2016 وتعامل ارد وغان معها يؤكد علي صحة ما كان يطالب به شباب الثورة في مصر من حتمية تطهير الجيش والقضاء والشرطة والاعلام مع تطبيق قانون الغدر و العزل السياسي وهو ما رفضته جماعة الإخوان بحكم الاتفاق مع العسكر وبحكم الطبيعية الإصلاحية المحافظة للجماعة وهو ما لا يتفق أطلاقا مع الحالة الثورية القائمة .
وسعي السيسي وزير الدفاع حينها إلي اكتساب شرعية جماهيرية أمام الرأي العام بدعوة الناس لتفويضه للقضاء علي الإرهاب المحتمل وبعدها تم الاتفاق علي وجود خارطة طريق تبدأ بوضع دستور جديد للبلاد ثم انتخابات برلمانية ثم انتخابات رئاسية والهدف من ذلك نقل شرعية التفويض القادمة علي أثر ثورة إلي شرعية دستورية يستند إليها العسكر أمام العالم .
وفور وضع الدستور والتصديق عليه من قبل الرئيس المؤقت عدلي منصور أنقلب العسكر علي خارطة الطريق وعلي التفويض و علي الموجة الثورية الثانية في 30 يونيو و بالتالي الانقضاض علي ثورة 25 يناير 2011 .
وبدعوه الناس للانتخابات الرئاسية أدرك العقل الجمعي للمصريين أن الأمر برمته صار محل شك وشبهة وأن هناك شيء يُدبر بليل وأمتنع الناس عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية للدرجة التي جعلت المجلس العسكري يمد فترة التصويت ثلاثة أيام مع ترهيب الناس بالغرامة لإنقاذ الرجل وللرغبة في الحصول علي أي شرعية بطريقة مشروعة أو غير مشروعة وتم تأليه السيسي وتصديره للناس بزعامة كاذبه من خلال الأعلام وهو الأن يكتب فعلياً وسياسياً وبيده السطر الأخير في كتاب نهاية حكم العسكر في مصر .
وذلك وفقا لقواعد قانونية وفقهية و دستورية تؤكد جميعها زوال شرعيته أو مشروعيته لعوامل عدة أهمها :-
1- توغل الفساد والرشوة والمحسوبية بمعدلات تتفوق علي حقبة مبارك .
2- ارتفاع الاسعار والغلاء الفاحش الذي ذبح الفقراء ومتوسطي الدخل .
3- الانجراف لسياسات صندوق النقد والبنك الدولي .
4- ارتفاع نسبة التضخم بمعدلات غير مسبوق في التاريخ .
5- تحول الدولة إلي دولة جباية بشكل مفضوح وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والاخلاقي بالإضافة إلي انهيار كامل لمرافق الدولة وخدماتها .
6- بلوغ الدين الداخلي والدين الخارجي لمعدلات قاتلة حسب تقارير البنك المركزي المصري في مارس 2016 و يونيو2016 و أغسطس2016 .
7- زيادة الطبقية المقيتة علي حساب المواطن لصالح رجال الجيش والشرطة والقضاء وغياب أليات المسألة والرقابة والحساب لهم .
8- السيطرة التامة من السلطة التنفيذية علي السلطة التشريعية والقضائية وانهيار الثقة في منظومة العدالة نهائياً .
9- الاقتراض المتدافع لإغراق مصر والأجيال القادمة في ديون لا يعلم أحد كيفية التخلص منها فإجمالي ما افترضه السيسي في عامين يعادل ما اقترضه الحكام العسكريين في62 عام
( د/ زهدي الشامي الخبير الاقتصادي بجريدة البديل ) .
10- التفريط في حقول الغاز الطبيعي المصري شمشون وليفثيان وافروديت لصالح قبرص واليونان واسرائيل .
11- التفريط في جزيرتي تيران وصنافير المصرية للسعودية .
12- التفريط في حصة مصر من مياه نهر النيل والتوقيع والرضا بسد النهضة في اثيوبيا .
13- القضاء علي العمال والموظفين فيما عرف بقانون الخدمة المدنية والامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح العمال والموظفين وأهمها توشكي والمعلمين وغيرهم .
14 – توغل وسيطرة الجيش علي كل المشروعات ووسائل الإنتاج بالدولة مما أصاب البلاد بالشلل الاقتصادي التام .
15 – الارتفاع الغير مسبوق لسعر الدولار الأمريكي في مواجهة الجنية المصري .
16- زيادة أحداث الفتنة الطائفية في مصر الوسطي وعجز حكومي رهيب قبلها .
17 – القمع و الاستبداد وانتهاكات وزارة الداخلية من تعذيب واختفاء قسري.
18- الإعلام الواحد الموجه من قبل السلطة العسكرية وتخوين واستباحة عرًض كل من يعارض .
19- قيد حرية الصحافة وانتهاكات لنقابة الصحفيين وتجاوزات بحق المحامين والأطباء .
20- غياب دور مصر الدولي وانتهاء تأثيرها في العالم .
بمعني أخر السيسي أعاد للعالم ذاكرة الحكم العسكري السلطوي الاستبدادي في أبشع صورة وليؤكد أن العسكر علي مدار التاريخ المعاصر قد استبدلوا نظاماً طبقياُ اقطاعياً ملكياً بنظام طبقي إقطاعي عسكري افتقد لكل أنواع الشرعية سواء الشرعية القانونية المستمدة من الدستور أو الشرعية الجغرافية أو الشرعية السياسية بل فقد حتي ابسط قواعد المشروعية في أعماله.


ويقول د/ محمد زاهي بشير في كتاب ( الديمقراطية والإصلاح السياسي في الوطن العربي )
ان للشرعية أشكال ثلاث :-
أ- الشرعية الجغرافية :- وتعني أن أولئك الذين يعيشون ضمن نطاق الدولة يقبلون حدودها الإقليمية أو لا يعارضونها على الأقل إلا عبر الوسائل الدستورية.
ب- الشرعية الدستورية :- وتشير إلى القبول العام للدستور، أي البنية الرسمية للقواعد التي تحدد تنظيم وتوزيع القوة السياسية والتنافس عليها، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار، الأنواع المختلفة والممكنة للقبول .
ج - الشرعية السياسية :- وتشير إلى المدى الذي يعتبر المواطنون أن نظام الحكم القائم له الحق إجرائيا، في تولي السلطة .
وعليه يتأكد لنا ان الشرعية الوحيدة التي يستخدمها النظام بغير ضوابط او معايير هي شرعية القمع المباشر والظلم من غير ضوابط او معايير ، هي شرعية التضليل والكذب الاعلامي الموجة بل حتي عجز عن دعم مشروعيته باي شكل تنموي او ديمقراطي او حتي اي معني اخلاقي قائم علي الاحترام .
وهنا يقول ا/ عبد القادر نعناع من سوريا في بحث ( إشكاليه الشرعية في الأنظمة العربية ) :-
( إن الأنظمة العربية لم تَسْعَ بعد استقرارها، في العقود الثلاثة المنصرمة، إلى تعزيز شرعيتها بآليات ديموقراطية تكفل الرقي بمستويات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إنما تكتفي بتعزيز سلطتها من خلال سيطرتها على كافة مفاصل القوة في البلدان التي تحكمها ) .
وللأسف ان هذا ما حدث ويحدث فعليا في مصر منذ ليلة 23 يوليو 1952 وحتي تاريخه الآن , والثابت للكافة ان ثورة 25 يناير 2011 لم تستطع أن تملك وتحكم أو تقدم أطروحاتها الثورية من خلال عمل سياسي حتي تفرض شرعيتها الثورية حتي الأن وتثبت أن الثورة عمل نبيل يحتاج إلي أليات لتحقيق أهدافها الكبرى من تصحيح للواقع ولحياة الناس في كافة جوانب الحياة وتجعل أحلامهم من رقي ونبل للوطن وللعباد واقعا ملموساً.
والسبب في هذا كيفما جاء علي لسان د/ فوزي منصور مؤلف ( كتاب خروج العرب من التاريخ :- إن ما حدث في 25 يناير 2011 تغيير في شكل السلطة لا جوهرها عبر محاولة شعبية للتعبير عن الغضب مع إدراك غامض لمصالح الشعب من دون معرفة علمية بمفاصل التغيير و من دون قيادة واعية تستطيع أن تحرك الجموع الشعبية في الاتجاه الصحيح ولذلك لم تحقق25 يناير أيا من أهدافها ).
لذا جاءت هذه الأوراق لتوضح مفاهيم الشرعية والمشروعية في ضوء التاريخ المصري المعاصر ومدي ارتباطهما بالتنمية السياسية والاقتصادية وحتمية وجود العدالة الاجتماعية والقانونية ليكونا مظلة يستظل بها أفرد المجتمع جميعاً مانحة إياهم عملاً واملاً ودافعاً نحو أنشاء وطن قوي قادر علي إشباع احتياجات مواطنية و قادر علي مواجهة أعدائه يحمل في تكوينه قيماً أخلاقية وانتمائية وفكرية نبيله جديرة بالاحترام وربما تجد يوماً من يُطبقها.

بقلم
وائل رفعت سليم
المحامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.